الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

ومنها : أنه لا يقبل من الرجل أقل من خمس مرات ، ولا من المرأة ، ولا يقبل منه إبدال اللعنة بالغضب والإبعاد والسخط ، ولا منها إبدال الغضب باللعنة والإبعاد والسخط ، بل يأتي كل منهما بما قسم الله له من ذلك شرعا وقدرا ، وهذا أصح القولين في مذهب أحمد ومالك وغيرهما .

ومنها : أنه لا يفتقر أن يزيد على الألفاظ المذكورة في القرآن والسنة شيئا ، بل لا يستحب ذلك ، فلا يحتاج أن يقول : أشهد بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة ، الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية ، ونحو ذلك ، بل يكفيه أن يقول : أشهد بالله إني لمن الصادقين ، وهي تقول : أشهد بالله إنه لمن الكاذبين ، ولا يحتاج أن يقول : فيما رميتها به من الزنى ، ولا أن تقول هي : إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى ، ولا يشترط أن يقول إذا ادعى الرؤية : رأيتها تزني كالمرود في المكحلة ، ولا أصل لذلك في كتاب الله ولا سنة رسوله ، فإن الله سبحانه بعلمه وحكمته كفانا بما شرعه لنا وأمرنا به عن تكلف زيادة عليه . [ ص: 341 ]

قال صاحب " الإفصاح " وهو يحيى بن محمد بن هبيرة في " إفصاحه " : من الفقهاء من اشترط أن يزاد بعد قوله : من الصادقين ، فيما رميتها به من الزنى ، واشترط في نفيها عن نفسها أن تقول : فيما رماني به من الزنى . قال : ولا أراه يحتاج إليه ؛ لأن الله تعالى أنزل ذلك وبينه ولم يذكر هذا الاشتراط .

وظاهر كلام أحمد : أنه لا يشترط ذكر الزنى في اللعان ، فإن إسحاق بن منصور قال : قلت لأحمد : كيف يلاعن ؟ قال : على ما في كتاب الله ، يقول أربع مرات : أشهد بالله إني فيما رميتها به لمن الصادقين ، ثم يقف عند الخامسة فيقول : لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، والمرأة مثل ذلك .

ففي هذا النص أنه لا يشترط أن يقول : من الزنى ، ولا تقوله هي ، ولا يشترط أن يقول عند الخامسة : فيما رميتها به ، وتقول هي : فيما رماني به ، والذين اشترطوا ذلك حجتهم أن قالوا : ربما نوى : إني لمن الصادقين في شهادة التوحيد أو غيره من الخبر الصادق ، ونوت : إنه لمن الكاذبين في شأن آخر ، فإذا ذكرا ما رميت به من الزنى انتفى هذا التأويل .

قال الآخرون : هب أنهما نويا ذلك فإنهما لا ينتفعان بنيتهما ، فإن الظالم لا ينفعه تأويله ، ويمينه على نية خصمه ، ويمينه بما أمر الله به إذا كان مجاهرا فيها بالباطل والكذب موجبة عليه اللعنة أو الغضب ، نوى ما ذكرتم أو لم ينوه ، فإنه لا يموه على من يعلم السر وأخفى بمثل هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية