الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ( 45 ) ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن ياويلنا إنا كنا ظالمين ( 46 ) ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ( 47 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( قل إنما أنذركم بالوحي ) أي أخوفكم بالقرآن ، ( ولا يسمع الصم الدعاء ) قرأ ابن عامر بالتاء وضمها وكسر الميم ، " الصم " نصب ، جعل الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وقرأ الآخرون بالياء وفتحها وفتح الميم ، " الصم " رفع ، ( إذا ما ينذرون ) يخوفون . ( ولئن مستهم ) أصابتهم ( نفحة ) قال ابن عباس رضي الله عنهما طرف . وقيل : قليل . قال ابن جريج : نصيب ، من قولهم : نفح فلان لفلان من ماله ، أي أعطاه حظا منه . وقيل : ضربة من قولهم : نفحت الدابة برجلها إذا ضربت ، ( من عذاب ربك ليقولن ياويلنا إنا كنا ظالمين ) أي بإهلاكنا إنا كنا مشركين ، دعوا على أنفسهم بالويل بعدما أقروا بالشرك . ( ونضع الموازين القسط ) أي : ذوات القسط ، والقسط : العدل ، ( ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ) لا ينقص من ثواب حسناته ولا يزاد على سيئاته ، وفي الأخبار : إن الميزان له لسان وكفتان .

                                                                                                                                                                                                                                      روي أن داود عليه السلام سأل ربه أن يريه الميزان فأراه كل كفة ما بين المشرق والمغرب ، فغشي عليه ، ثم أفاق فقال : يا إلهي من الذي يقدر أن يملأ كفته حسنات؟ فقال : يا داود إني [ إذا ] رضيت على عبدي ملأتها بتمرة .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وإن كان مثقال حبة من خردل ) قرأ أهل المدينة ( مثقال ) برفع اللام هاهنا وفي سورة [ ص: 322 ] لقمان ، أي وإن وقع مثقال حبة ، ونصبها الآخرون على معنى : وإن كان ذلك الشيء مثقال حبة أي : زنة حبة من خردل ، ( أتينا بها ) أحضرناها لنجازي بها .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وكفى بنا حاسبين ) قال السدي : محصين ، والحسب معناه : العد ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : عالمين حافظين ، لأن من حسب شيئا علمه وحفظه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية