الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
[ ص: 205 ] فصل

قال الرازي: "الخامس قوله عليه السلام: "إن الرحم تتعلق بحقوي الرحمن، فيقول سبحانه: صلي من وصلك". وهذا [ ص: 206 ] لا بد فيه من التأويل.

يقال له: بل هذا من الأخبار التي (يقره من يقر) نظيره، والنزاع فيه كالنزاع في نظيره، فدعواك أنه لا بد فيه من التأويل بلا حجة تخصه لا يصح، فإنك إن ذكرت الحجة التي تذكرها على وجوب تأويل (خلقه بيديه) و (وضعه قدمه)، ونحو [ ص: 207 ] ذلك فهذا يحتاج إلى أن يحتج له، كما سيأتي، وإن كنت هنا ادعيت وجوب التأويل بالإجماع، فذكرت هذا وأمثاله فيما لا يشك أحد في وجوب تأويله. وليس الأمر كذلك.

قال القاضي أبو يعلى: "اعلم أنه غير ممتنع حمل هذا الخبر على ظاهره، وأن الحقو والحجزة صفة ذات، لا على وجه الجارحة والبعض، وأن الرحم آخذة بها لا على وجه الاتصال والمماسة بل يطلق تسمية ذلك كما أطلقها الشرع، [ ص: 208 ] ونظير هذا ما حملناه على ظاهره في وضع القدم في النار، وفي أخذ داود بقدمه، لا على وجه الجارحة، ولا على وجه المماسة، كما أثبتنا خلق آدم بيديه، فاليدان صفة ذات، والخلق بهما لا على وجه المماسة والملاقات، كذلك ها هنا".

قال: "وذكر شيخنا أبو عبد الله في كتابه هذا في الحديث وأخذه بظاهره، وهو ظاهر كلام أحمد، قال المروذي: جاءني كتاب من دمشق فعرضته على أبي عبد الله، فنظر فيه، وكان فيه أن رجلا ذكر حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم "أن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم، قامت [ ص: 209 ] الرحم فأخذت بحقو الرحمن"، وكان الرجل [تلقاه يعني] حديث أبي هريرة فرفع المحدث رأسه فقال: أخاف أن تكون كفرت، فقال أبو عبد الله: هذا جهمي. وقال أبو طالب: سمعت أبا عبد الله سئل عن حديث هشام بن عمار، أنه قرأ عليه حديث "يجيء الرحم يوم القيامة فتتعلق بالرحمن" فقال: أخاف أن تكون قد [ ص: 210 ] كفرت. فقال هذا شامي، ما له ولهذا، قلت: ما تقول؟ قال: يمضي الحديث على ما جاء".

التالي السابق


الخدمات العلمية