الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            29 - 25 - 2 - ( تفسير قصة الإفك )

                                                                                            وتأتي طرق الحديث - حديث الإفك - في مناقب عائشة - رضي الله عنها .

                                                                                            11196 عن ابن عباس إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم يريد الذين جاؤوا بالكذب على عائشة أم المؤمنين أربعة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم يريد : خير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبراءة لسيدة نساء المؤمنين وخير لأبي بكر وأم عائشة وصفوان بن المعطل لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره يريد إشاعته منهم يريد عبد الله بن أبي ابن سلول له عذاب عظيم يريد في الدنيا جلده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمانين وفي الآخرة مصيره إلى النار [ ص: 75 ] لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استشار فيها ، فقالوا خيرا ،[ وقالوا : يا رسول الله ، هذا كذب وزور " والمؤمنات يريد زينب زوج النبي صلى الله عليه وسلم ] وبريرة مولاة عائشة وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالوا : هذا كذب عظيم . قال الله - عز وجل - : لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء لكانوا هم والذين شهدوا كاذبين فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون يريد الكذب بعينه ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة يريد فلولا من الله عليكم وستركم لمسكم فيما أفضتم فيه [ يريد من الكذب " عذاب عظيم " يريد لا انقطاع له " إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم " يعلم الله خلافه " ، " وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم " يريد أن ترموا سيدة نساء المؤمنين وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبهتونها بما لم يكن فيها ، ولم يقع في قلبها قط أعرابها ، وإنما خلقتها طيبة ، وعصمتها من كل قبيح " ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم " ] يريد بالبهتان الافتراء مثل قوله في مريم " بهتانا عظيما " . يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا يريد مسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش وحسان بن ثابت [ إن كنتم مؤمنين يريد إن كنتم مصدقين بالله ورسوله ] ويبين الله لكم الآيات التي أنزلها في عائشة والبراءة لها والله عليم بما في قلوبكم من الندامة فيما خضتم فيه حكيم حكم في القذف ثمانين جلدة إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا يريد بعد هذا في الذين آمنوا المحصنين والمحصنات من المصدقين لهم عذاب أليم وجيع في الدنيا والآخرة يريد في الدنيا الجلد وفي الآخرة العذاب في النار والله يعلم وأنتم لا تعلمون سواء ما دخلتم فيه وما فيه من شدة العقاب ، وأنتم لا تعلمون شدة سخط الله على من فعل هذا ولولا فضل الله عليكم ورحمته يريد لولا ما تفضل الله به عليكم ورحمته يريد مسطحا وحمنة وحسان وأن الله رءوف رحيم يريد من الرحمة رؤوف بكم حيث ندمتم ورجعتم إلى الحق ياأيها الذين آمنوا يريد صدقوا بتوحيد الله لا تتبعوا خطوات الشيطان يريد الزلات فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر يريد بالفحشاء عصيان الله والمنكر كل ما نكره الله ولولا فضل الله عليكم ورحمته يريد ما تفضل الله به عليكم ورحمكم الآية ما زكا منكم من أحد أبدا يريد ما قبل توبة أحد منكم أبدا ولكن الله يزكي من يشاء يريد فقد شئت أن أتوب عليكم والله سميع عليم يريد سميع لقولكم عليم بما في أنفسكم من الندامة من التوبة ولا يأتل يريد ولا يحلف أولو الفضل منكم والسعة [ ص: 76 ] يريد لا يحلف أبو بكر أن لا ينفق على مسطح أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا فقد جعلت فيك يا أبا بكر الفضل ، وجعلت عندك السعة والمعرفة بالله ، فتعطف يا أبا بكر على مسطح فله قرابة وله هجرة ومسكنة ومشاهد رضيتها منه يوم بدر ألا تحبون يا أبا بكر أن يغفر الله لكم يريد فاغفر لمسطح والله غفور رحيم يريد فإني غفور لمن أخطأ رحيم بأوليائي إن الذين يرمون المحصنات يريد العفائف الغافلات المؤمنات يريد المصدقات بتوحيد الله وبرسله . وقال حسان بن ثابت في عائشة أم المؤمنين : حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل فقالت عائشة : يا حسان ، لكنك لست كذلك . لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يقول : أخرجهم من الإيمان مثل قوله في سورة الأحزاب للمنافقين ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا . والذي تولى كبره يريد كبر القذف وإشاعته ، يريد عبد الله بن أبي ابن سلول الملعون يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يريد أن الله ختم على ألسنتهم فتكلمت الجوارح وشهدت على أهلها ، وذلك أنهم قالوا : تعالوا نحلف بالله ما كنا مشركين ، فختم الله على ألسنتهم فتكلمت الجوارح بما عملوا ، ثم شهدت ألسنتهم بعد ذلك ، يريد يجازيهم بأعمالهم بالحق كما يجازي أولياءه بالثواب ، كذلك يجزي أهله بالعقاب كقوله في الحمد مالك يوم الدين يريد يوم الجزاء ويعلمون يريد يوم القيامة أن الله هو الحق المبين وذلك أن عبد الله بن أبي كان يمسك في الدنيا وكان رأس المنافقين وذلك قول الله يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلم ابن سلول [ يوم القيامة ] أن الله هو الحق المبين يريد انقطع الشك واستيقن حيث لا ينفعه اليقين . الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات يريد أمثال عبد الله بن أبي ابن سلول ومن شك في الله - عز وجل - ويقذف مثل سيدة نساء العالمين ، ثم قال : والطيبات للطيبين عائشة طيبها الله لرسوله - عليه السلام - أتى بها جبريل - عليه السلام - في [ ص: 77 ] سرقة حرير قبل أن تصور في رحم أمها ، فقال له : عائشة بنت أبي بكر زوجتك في الدنيا وزوجتك في الجنة عوضا من خديجة بنت خويلد وذلك عند موتها . فسر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقر بها عينا ثم قال : والطيبون للطيبات يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طيبه الله لنفسه وجعله سيد ولد آدم ، والطيبات يريد عائشة أولئك مبرءون مما يقولون يريد برأها الله من كذب عبد الله بن أبي ابن سلول لهم مغفرة يريد عصمة في الدنيا ومغفرة في الآخرة ورزق كريم يريد رزق الجنة وثواب عظيم . رواه الطبراني منقطعا بإسناد واحد ، فلا فائدة في إعادته في كل قطعة ، وفي إسناده موسى بن عبد الرحمن الصنعاني وهو ضعيف . وقد روى قطعا منه عن مجاهد وعن قتادة وسعيد بن جبير وهشام بن عروة ، وفي أسانيدهم ضعف .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية