nindex.php?page=treesubj&link=28973_251قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222 ( فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ) لم يبين هنا هذا المكان
[ ص: 92 ] المأمور بالإتيان منه ، المعبر عنه بلفظة " حيث " ولكنه بين أن المراد به الإتيان في القبل في آيتين :
إحداهما : هي قوله هنا :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فأتوا حرثكم [ 2 \ 223 ] ; لأن قوله : ( فأتوا ) أمر بالإتيان بمعنى الجماع ، وقوله : ( حرثكم ) ، يبين أن الإتيان المأمور به إنما هو في محل الحرث يعني بذر الولد بالنطفة ، وذلك هو القبل دون الدبر كما لا يخفى ; لأن الدبر ليس محل بذر للأولاد ، كما هو ضروري .
الثانية : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم [ 2 \ 187 ] لأن المراد بما كتب الله لكم الولد ، على قول الجمهور وهو اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، وقد نقله عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومجاهد والحكم وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري والسدي ،
والربيع nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك بن مزاحم ، ومعلوم أن ابتغاء الولد إنما هو بالجماع في القبل . فالقبل إذن هو المأمور بالمباشرة فيه بمعنى الجماع ، فيكون معنى الآية فالآن باشروهن ولتكن تلك المباشرة في محل ابتغاء الولد ، الذي هو القبل دون غيره ، بدليل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187وابتغوا ما كتب الله لكم [ 2 \ 187 ] ، يعني الولد .
ويتضح لك من هذا أن معنى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223أنى شئتم [ 2 \ 223 ] يعني أن يكون الإتيان في محل الحرث على أي حالة شاء الرجل ، سواء كانت المرأة مستلقية ، أو باركة ، أو على جنب ، أو غير ذلك ، ويؤيد هذا ما رواه الشيخان
وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، عن
جابر - رضي الله عنه - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007112كانت اليهود تقول : إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول ، فنزلت nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم .
فظهر من هذا أن
جابرا - رضي الله عنه - يرى أن معنى الآية : فأتوهن في القبل على أية حالة شئتم ، ولو كان من ورائها .
والمقرر في علوم الحديث أن
nindex.php?page=treesubj&link=29571تفسير الصحابي الذي له تعلق بسبب النزول له حكم الرفع كما عقده صاحب " طلعة الأنوار " ، بقوله : [ الرجز ]
تفسير صاحب له تعلق بالسبب الرفع له محقق
وقد قال
القرطبي في تفسير قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فأتوا حرثكم أنى شئتم ما نصه : وما استدل به المخالف من أن قوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223أنى شئتم شامل للمسالك بحكم عمومها ، فلا حجة فيها ; إذ هي مخصصة بما ذكرناه ، وبأحاديث صحيحة حسان
[ ص: 93 ] شهيرة ، رواها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اثنا عشر صحابيا ، بمتون مختلفة ، كلها متواردة على تحريم
nindex.php?page=treesubj&link=10450إتيان النساء في الأدبار ، ذكرها
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في " مسنده "
وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وغيرهم .
وقد جمعها
nindex.php?page=showalam&ids=11890أبو الفرج الجوزي بطرقها في جزء سماه " تحريم المحل المكروه " .
ولشيخنا
أبي العباس أيضا في ذلك جزء سماه " إظهار إدبار من أجاز الوطء في الأدبار " قلت : وهذا هو الحق المتبع ، والصحيح في المسألة .
ولا ينبغي لمؤمن بالله واليوم الآخر أن يعرج في هذه النازلة على زلة عالم بعد أن تصح عنه ، وقد حذرنا من زلة العالم . وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر خلاف هذا ، وتكفير من فعله وهذا هو اللائق به رضي الله عنه ، وكذلك كذب
نافع من أخبر عنه بذلك ، كما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، وقد تقدم .
وأنكر ذلك
مالك واستعظمه ، وكذب من نسب ذلك إليه ، وروى
الدارمي في " مسنده " عن
nindex.php?page=showalam&ids=11839سعيد بن يسار أبي الحباب ، قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر : ما تقول في الجواري حين أحمض لهن ؟ قال : وما التحميض ؟ فذكرت له الدبر . فقال : هل يفعل ذلك أحد من المسلمين ؟ وأسند عن
nindex.php?page=showalam&ids=2546خزيمة بن ثابت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007113أيها الناس إن الله لا يستحي من الحق ، لا تأتوا النساء في أعجازهن " ومثله عن
علي بن طلق ، وأسند عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007114من أتى امرأة في دبرها لم ينظر الله إليه يوم القيامة " .
وروي
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي في مسنده عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007115تلك اللوطية الصغرى " يعني إتيان المرأة في دبرها . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس أنه قال : كان بدء عمل
قوم لوط إتيان النساء في أدبارهن ، قال
ابن المنذر : وإذا ثبت الشيء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استغنى به عما سواه ، من
القرطبي بلفظه . وقال
القرطبي أيضا ما نصه : وقال
مالك لابن وهب ،
وعلي بن زياد ، لما أخبراه أن ناسا
بمصر يتحدثون عنه أنه يجيز ذلك ، فنفر من ذلك وبادر إلى تكذيب الناقل ، فقال : كذبوا علي ، كذبوا علي ، كذبوا علي ، ثم قال : ألستم قوما عربا ؟ ألم يقل الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نساؤكم حرث لكم ، وهل يكون الحرث إلا في موضع المنبت ؟ منه بلفظه أيضا .
[ ص: 94 ] ومما يؤيد أنه لا يجوز إتيان النساء في أدبارهن ،
nindex.php?page=treesubj&link=19462أن الله تعالى حرم الفرج في الحيض ; لأجل القذر العارض له ، مبينا أن ذلك القذر هو علة المنع بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض [ 2 \ 222 ] فمن باب أولى تحريم الدبر للقذر والنجاسة اللازمة ، ولا ينتقض ذلك بجواز
nindex.php?page=treesubj&link=24587وطء المستحاضة ; لأن دم الاستحاضة ليس في الاستقذار كدم الحيض ، ولا كنجاسة الدبر ; لأنه دم انفجار العرق فهو كدم الجرح ، ومما يؤيد منع الوطء في الدبر إطباق العلماء على أن
nindex.php?page=treesubj&link=11301_25023الرتقاء التي لا يوصل إلى وطئها معيبة ترد بذلك العيب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : لم يختلف العلماء في ذلك ، إلا شيئا جاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز من وجه ليس بالقوي أن الرتقاء لا ترد بالرتق . والفقهاء كلهم على خلاف ذلك .
قال
القرطبي : وفي إجماعهم هذا دليل على أن الدبر ليس بموضع وطء ولو كان موضعا للوطء ما ردت من لا يوصل إلى وطئها في الفرج ، فإن قيل : قد يكون رد الرتقاء لعلة عدم النسل فلا ينافي أنها توطأ في الدبر ، فالجواب أن العقم لا يرد به ، ولو كانت علة رد الرتقاء عدم النسل لكان العقم موجبا للرد .
وقد حكى
القرطبي الإجماع على أن العقم لا يرد به ، في تفسير قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فأتوا حرثكم فإذا تحققت من هذه الأدلة أن وطء المرأة في دبرها حرام فاعلم أن من روي عنه جواز ذلك
كابن عمر ،
وأبي سعيد وجماعات من المتقدمين والمتأخرين ، يجب حمله على أن مرادهم بالإتيان في الدبر إتيانها في الفرج من جهة الدبر ، كما يبينه حديث
جابر ، والجمع واجب إذا أمكن . قال
ابن كثير في تفسير قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فأتوا حرثكم أنى شئتم ما نصه : قال
أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله الدارمي في " مسنده " : حدثنا
عبد الله بن صالح ، حدثنا
الليث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14063الحارث بن يعقوب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11839سعيد بن يسار أبي الحباب ، قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر : ما تقول في الجواري أيحمض لهن ؟ قال : وما التحميض ؟ فذكر الدبر ، فقال : وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين ؟ وكذا رواه
ابن وهب ،
وقتيبة ، عن
الليث .
وهذا إسناد صحيح ونص صريح منه بتحريم ذلك ، فكل ما ورد عنه مما يحتمل ، ويحتمل فهو مردود إلى هذا المحكم منه بلفظه ، وقد علمت أن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223أنى شئتم ،
[ ص: 95 ] لا دليل فيه للوطء في الدبر ; لأنه مرتب بالفاء التعقيبية ، على قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نساؤكم حرث لكم ومعلوم أن الدبر ليس محل حرث ، ولا ينتقض هذا بجواز الجماع في عكن البطن ، وفي الفخذين ، والساقين ، ونحو ذلك مع أن الكل ليس محل حرث ; لأن ذلك يسمى استمناء لا جماعا . والكلام في الجماع ; لأن المراد بالإتيان في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فأتوا حرثكم الجماع ، والفارق موجود ; لأن عكن البطن ونحوها لا قذر فيها ، والدبر فيه القذر الدائم ، والنجس الملازم .
وقد عرفنا من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222قل هو أذى فاعتزلوا النساء [ 2 \ 222 ] أن الوطء في محل الأذى لا يجوز .
وقال بعض العلماء : معنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222من حيث أمركم الله ، أي : من المكان الذي أمركم الله تعالى بتجنبه ; لعارض الأذى وهو الفرج ولا تعدوه إلى غيره ، ويروى هذا القول عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومجاهد ،
وقتادة ،
والربيع وغيرهم ، وعليه فقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222من حيث أمركم الله يبينه :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222قل هو أذى فاعتزلوا النساء الآية ; لأن من المعلوم أن محل الأذى الذي هو الحيض إنما هو القبل ، وهذا القول راجع في المعنى إلى ما ذكرنا ، وهذا القول مبني على أن النهي عن الشيء أمر بضده ; لأن ما نهى الله عنه فقد أمر بضده ، ولذا تصح الإحالة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222أمركم الله على النهي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ولا تقربوهن حتى يطهرن والخلاف في النهي عن الشيء هو أمر بضده معروف في الأصول ، وقد أشار له في " مراقي السعود " بقوله : [ الرجز ]
والنهي فيه غابر الخلاف أو أنه أمر بالائتلاف
وقيل لا قطعا كما في المختصر وهو لدى السبكي رأي ما انتصر
ومراده بغابر الخلاف : هو ما ذكر قبل هذا من الخلاف في الأمر بالشيء ، هل هو عين النهي عن ضده ، أو مستلزم له أو ليس عينه ولا مستلزما له ؟ يعني أن ذلك الخلاف أيضا في النهي عن الشيء هل هو عين الأمر بضده ؟ أو ضد من أضداده إن تعددت ؟ أو مستلزم لذلك ؟ أو ليس عينه ولا مستلزما له ؟ وزاد في النهي قولين : أحدهما : أنه أمر بالضد اتفاقا .
والثاني : أنه ليس أمرا به قطعا ، وعزا الأخير
لابن الحاجب في " مختصره " ، وأشار إلى أن
السبكي في " جمع الجوامع " ذكر أنه لم ير ذلك القول لغير
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب .
[ ص: 96 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222من حيث أمركم الله أي : من الجهات التي يحل فيها أن تقرب المرأة ، ولا تقربوهن من حيث لا يحل ، كما إذا كن صائمات ، أو محرمات ، أو معتكفات .
وقال
أبو رزين وعكرمة والضحاك وغير واحد :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222من حيث أمركم الله يعني طاهرات غير حيض ، والعلم عند الله تعالى .
nindex.php?page=treesubj&link=28973_251قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222 ( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ) لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا هَذَا الْمَكَانَ
[ ص: 92 ] الْمَأْمُورَ بِالْإِتْيَانِ مِنْهُ ، الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِلَفْظَةِ " حَيْثُ " وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِتْيَانُ فِي الْقُبُلِ فِي آيَتَيْنِ :
إِحْدَاهُمَا : هِيَ قَوْلُهُ هُنَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فَأْتُوا حَرْثَكُمْ [ 2 \ 223 ] ; لِأَنَّ قَوْلَهُ : ( فَأْتُوا ) أَمْرٌ بِالْإِتْيَانِ بِمَعْنَى الْجِمَاعِ ، وَقَوْلِهِ : ( حَرْثَكُمْ ) ، يُبَيِّنُ أَنَّ الْإِتْيَانَ الْمَأْمُورَ بِهِ إِنَّمَا هُوَ فِي مَحَلِّ الْحَرْثِ يَعْنِي بَذْرَ الْوَلَدِ بِالنُّطْفَةِ ، وَذَلِكَ هُوَ الْقُبُلُ دُونَ الدُّبُرِ كَمَا لَا يَخْفَى ; لِأَنَّ الدُّبُرَ لَيْسَ مَحَلُّ بَذْرٍ لِلْأَوْلَادِ ، كَمَا هُوَ ضَرُورِيٌّ .
الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ [ 2 \ 187 ] لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمُ الْوَلَدُ ، عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ وَهُوَ اخْتِيَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنِ جَرِيرٍ ، وَقَدْ نَقَلَهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْحَكَمِ وَعِكْرِمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالسُّدِّيِّ ،
وَالرَّبِيعِ nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ابْتِغَاءَ الْوَلَدِ إِنَّمَا هُوَ بِالْجِمَاعِ فِي الْقُبُلِ . فَالْقُبُلُ إِذَنْ هُوَ الْمَأْمُورُ بِالْمُبَاشَرَةِ فِيهِ بِمَعْنَى الْجِمَاعِ ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَلْتَكُنْ تِلْكَ الْمُبَاشَرَةُ فِي مَحَلِّ ابْتِغَاءِ الْوَلَدِ ، الَّذِي هُوَ الْقُبُلُ دُونَ غَيْرِهِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ [ 2 \ 187 ] ، يَعْنِي الْوَلَدَ .
وَيَتَّضِحُ لَكَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223أَنَّى شِئْتُمْ [ 2 \ 223 ] يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الْإِتْيَانُ فِي مَحَلِّ الْحَرْثِ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ شَاءَ الرَّجُلُ ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مُسْتَلْقِيَةً ، أَوْ بَارِكَةً ، أَوْ عَلَى جَنْبٍ ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
وَأَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ ، عَنْ
جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007112كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ : إِذَا جَامَعَهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ ، فَنَزَلَتْ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ .
فَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ
جَابِرًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَرَى أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ : فَأْتُوهُنَّ فِي الْقُبُلِ عَلَى أَيَّةِ حَالَةٍ شِئْتُمْ ، وَلَوْ كَانَ مِنْ وَرَائِهَا .
وَالْمُقَرَّرُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29571تَفْسِيرَ الصَّحَابِيِّ الَّذِي لَهُ تَعَلُّقٌ بِسَبَبِ النُّزُولِ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ كَمَا عَقَدَهُ صَاحِبُ " طَلْعَةِ الْأَنْوَارِ " ، بِقَوْلِهِ : [ الرَّجَزِ ]
تَفْسِيرُ صَاحِبٍ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالسَّبَبِ الرَّفْعُ لَهُ مُحَقِّقٌ
وَقَدْ قَالَ
الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ مَا نَصُّهُ : وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُخَالِفُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223أَنَّى شِئْتُمْ شَامِلٌ لِلْمَسَالِكِ بِحُكْمِ عُمُومِهَا ، فَلَا حُجَّةَ فِيهَا ; إِذْ هِيَ مُخَصَّصَةٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ ، وَبِأَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ حِسَانٍ
[ ص: 93 ] شَهِيرَةٍ ، رَوَاهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثْنَا عَشَرَ صَحَابِيًّا ، بِمُتُونٍ مُخْتَلِفَةٍ ، كُلُّهَا مُتَوَارِدَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=10450إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي الْأَدْبَارِ ، ذَكَرَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي " مُسْنَدِهِ "
وَأَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمْ .
وَقَدْ جَمَعَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=11890أَبُو الْفَرَجِ الْجَوْزِيُّ بِطُرُقِهَا فِي جُزْءٍ سَمَّاهُ " تَحْرِيمُ الْمَحَلِّ الْمَكْرُوهِ " .
وَلِشَيْخِنَا
أَبِي الْعَبَّاسِ أَيْضًا فِي ذَلِكَ جُزْءٌ سَمَّاهُ " إِظْهَارُ إِدْبَارِ مَنْ أَجَازَ الْوَطْءَ فِي الْأَدْبَارِ " قُلْتُ : وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمُتَّبَعُ ، وَالصَّحِيحُ فِي الْمَسْأَلَةِ .
وَلَا يَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَعْرُجَ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ عَلَى زَلَّةِ عَالِمٍ بَعْدَ أَنْ تَصِحَّ عَنْهُ ، وَقَدْ حَذَّرْنَا مِنْ زَلَّةِ الْعَالِمِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ خِلَافُ هَذَا ، وَتَكْفِيرُ مَنْ فَعَلَهُ وَهَذَا هُوَ اللَّائِقُ بِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَكَذَلِكَ كَذَّبَ
نَافِعٌ مَنْ أَخْبَرَ عَنْهُ بِذَلِكَ ، كَمَا ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ .
وَأَنْكَرَ ذَلِكَ
مَالِكٌ وَاسْتَعْظَمَهُ ، وَكَذَّبَ مَنْ نَسَبَ ذَلِكَ إِلَيْهِ ، وَرَوَى
الدَّارِمِيُّ فِي " مُسْنَدِهِ " عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11839سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَبِي الْحُبَابِ ، قَالَ : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=12لِابْنِ عُمَرَ : مَا تَقُولُ فِي الْجَوَارِي حِينَ أُحَمِّضُ لَهُنَّ ؟ قَالَ : وَمَا التَّحْمِيضُ ؟ فَذَكَرْتُ لَهُ الدُّبُرَ . فَقَالَ : هَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ؟ وَأَسْنَدَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2546خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007113أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنَ الْحَقِّ ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَعْجَازِهِنَّ " وَمِثْلَهُ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ ، وَأَسْنَدَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007114مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " .
وَرُوِيَ
nindex.php?page=showalam&ids=14724أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ
قَتَادَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007115تِلْكَ اللُّوطِيَّةُ الصُّغْرَى " يَعْنِي إِتْيَانَ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا . وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ بِدْءُ عَمَلِ
قَوْمِ لُوطٍ إِتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ ، قَالَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ : وَإِذَا ثَبَتَ الشَّيْءُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَغْنَى بِهِ عَمَّا سِوَاهُ ، مِنَ
الْقُرْطُبِيِّ بِلَفْظِهِ . وَقَالَ
الْقُرْطُبِيُّ أَيْضًا مَا نَصُّهُ : وَقَالَ
مَالِكٌ لِابْنِ وَهْبٍ ،
وَعَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ ، لَمَّا أَخْبَرَاهُ أَنَّ نَاسًا
بِمِصْرَ يَتَحَدَّثُونَ عَنْهُ أَنَّهُ يُجِيزُ ذَلِكَ ، فَنَفَرَ مِنْ ذَلِكَ وَبَادَرَ إِلَى تَكْذِيبِ النَّاقِلِ ، فَقَالَ : كَذَبُوا عَلَيَّ ، كَذَبُوا عَلَيَّ ، كَذَبُوا عَلَيَّ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَسْتُمْ قَوْمًا عَرَبًا ؟ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ، وَهَلْ يَكُونُ الْحَرْثُ إِلَّا فِي مَوْضِعِ الْمَنْبَتِ ؟ مِنْهُ بِلَفْظِهِ أَيْضًا .
[ ص: 94 ] وَمِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِتْيَانُ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ ،
nindex.php?page=treesubj&link=19462أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْفَرْجَ فِي الْحَيْضِ ; لِأَجْلِ الْقَذَرِ الْعَارِضِ لَهُ ، مُبَيِّنًا أَنَّ ذَلِكَ الْقَذَرَ هُوَ عِلَّةُ الْمَنْعِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [ 2 \ 222 ] فَمِنْ بَابِ أَوْلَى تَحْرِيمُ الدُّبُرِ لِلْقَذَرِ وَالنَّجَاسَةِ اللَّازِمَةِ ، وَلَا يَنْتَقِضُ ذَلِكَ بِجَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=24587وَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ ; لِأَنَّ دَمَ الِاسْتِحَاضَةِ لَيْسَ فِي الِاسْتِقْذَارِ كَدَمِ الْحَيْضِ ، وَلَا كَنَجَاسَةِ الدُّبُرِ ; لِأَنَّهُ دَمُ انْفِجَارِ الْعِرْقِ فَهُوَ كَدَمِ الْجُرْحِ ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَنْعَ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ إِطْبَاقُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11301_25023الرَّتْقَاءَ الَّتِي لَا يُوصَلُ إِلَى وَطْئِهَا مَعِيبَةٌ تُرَدُّ بِذَلِكَ الْعَيْبِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : لَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ ، إِلَّا شَيْئًا جَاءَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ وَجْهٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ أَنَّ الرَّتْقَاءَ لَا تُرَدُّ بِالرَّتْقِ . وَالْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ .
قَالَ
الْقُرْطُبِيُّ : وَفِي إِجْمَاعِهِمْ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الدُّبُرَ لَيْسَ بِمَوْضِعِ وَطْءٍ وَلَوْ كَانَ مَوْضِعًا لِلْوَطْءِ مَا رُدَّتْ مَنْ لَا يُوصَلُ إِلَى وَطْئِهَا فِي الْفَرْجِ ، فَإِنْ قِيلَ : قَدْ يَكُونُ رَدُّ الرَّتْقَاءِ لِعِلَّةِ عَدَمِ النَّسْلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا تُوطَأُ فِي الدُّبُرِ ، فَالْجَوَابُ أَنَّ الْعُقْمَ لَا يُرَدُّ بِهِ ، وَلَوْ كَانَتْ عِلَّةُ رَدِّ الرَّتْقَاءِ عَدَمَ النَّسْلِ لَكَانَ الْعُقْمُ مُوجِبًا لِلرَّدِّ .
وَقَدْ حَكَى
الْقُرْطُبِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْعُقْمَ لَا يُرَدُّ بِهِ ، فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فَأْتُوا حَرْثَكُمْ فَإِذَا تَحَقَّقَتْ مِنْ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ أَنَّ وَطْءَ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا حَرَامٌ فَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ جَوَازُ ذَلِكَ
كَابْنِ عُمَرَ ،
وَأَبِي سَعِيدٍ وَجَمَاعَاتٍ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ ، يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ مَرَادَهُمْ بِالْإِتْيَانِ فِي الدُّبُرِ إِتْيَانُهَا فِي الْفَرْجِ مِنْ جِهَةِ الدُّبُرِ ، كَمَا يُبَيِّنُهُ حَدِيثُ
جَابِرٍ ، وَالْجَمْعُ وَاجِبٌ إِذَا أَمْكَنَ . قَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ مَا نَصُّهُ : قَالَ
أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّارِمِيُّ فِي " مُسْنَدِهِ " : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا
اللَّيْثُ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14063الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11839سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَبِي الْحُبَابِ ، قَالَ : قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=12لِابْنِ عُمَرَ : مَا تَقُولُ فِي الْجَوَارِي أَيُحَمَّضُ لَهُنَّ ؟ قَالَ : وَمَا التَّحْمِيضُ ؟ فَذَكَرَ الدُّبُرَ ، فَقَالَ : وَهَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ؟ وَكَذَا رَوَاهُ
ابْنُ وَهْبٌ ،
وَقُتَيْبَةُ ، عَنِ
اللَّيْثِ .
وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَنَصٌّ صَرِيحٌ مِنْهُ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ ، فَكُلُّ مَا وَرَدَ عَنْهُ مِمَّا يُحْتَمَلُ ، وَيُحْتَمَلُ فَهُوَ مَرْدُودٌ إِلَى هَذَا الْمُحْكَمِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223أَنَّى شِئْتُمْ ،
[ ص: 95 ] لَا دَلِيلَ فِيهِ لِلْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ ; لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ بِالْفَاءِ التَّعْقِيبِيَّةِ ، عَلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدُّبُرَ لَيْسَ مَحَلَّ حَرْثٍ ، وَلَا يَنْتَقِضُ هَذَا بِجَوَازِ الْجِمَاعِ فِي عُكَنِ الْبَطْنِ ، وَفِي الْفَخِذَيْنِ ، وَالسَّاقَيْنِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْكُلَّ لَيْسَ مَحَلَّ حَرْثٍ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى اسْتِمْنَاءً لَا جِمَاعًا . وَالْكَلَامُ فِي الْجِمَاعِ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِتْيَانِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فَأْتُوا حَرْثَكُمْ الْجِمَاعُ ، وَالْفَارِقُ مَوْجُودٌ ; لِأَنَّ عُكَنَ الْبَطْنِ وَنَحْوَهَا لَا قَذَرَ فِيهَا ، وَالدُّبُرُ فِيهِ الْقَذَرُ الدَّائِمُ ، وَالنَّجَسُ الْمُلَازِمُ .
وَقَدْ عَرَفْنَا مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ [ 2 \ 222 ] أَنَّ الْوَطْءَ فِي مَحَلِّ الْأَذَى لَا يَجُوزُ .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : مَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ، أَيْ : مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي أَمَرَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِتَجَنُّبِهِ ; لِعَارِضِ الْأَذَى وَهُوَ الْفَرْجُ وَلَا تَعْدُوهُ إِلَى غَيْرِهِ ، وَيُرْوَى هَذَا الْقَوْلُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ ،
وَقَتَادَةَ ،
وَالرَّبِيعِ وَغَيْرِهِمْ ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ يُبَيِّنُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ الْآيَةَ ; لِأَنَّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَحَلَّ الْأَذَى الَّذِي هُوَ الْحَيْضُ إِنَّمَا هُوَ الْقُبُلُ ، وَهَذَا الْقَوْلُ رَاجِعٌ فِي الْمَعْنَى إِلَى مَا ذَكَرْنَا ، وَهَذَا الْقَوْلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِضِدِّهِ ; لِأَنَّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَقَدْ أَمَرَ بِضِدِّهِ ، وَلِذَا تَصِحُّ الْإِحَالَةُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَلَى النَّهْيِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ وَالْخِلَافُ فِي النَّهْيِ عَنِ الشَّيْءِ هُوَ أَمْرٌ بِضِدِّهِ مَعْرُوفٌ فِي الْأُصُولِ ، وَقَدْ أَشَارَ لَهُ فِي " مَرَاقِي السُّعُودِ " بِقَوْلِهِ : [ الرَّجَزِ ]
وَالنَّهْيُ فِيهِ غَابِرُ الْخِلَافِ أَوْ أَنَّهُ أَمْرٌ بِالِائْتِلَافِ
وَقِيلَ لَا قَطْعًا كَمَا فِي الْمُخْتَصَرْ وَهُوَ لَدَى السُّبْكِيِّ رَأْيٌ مَا انْتَصَرَ
وَمُرَادُهُ بِغَابِرِ الْخِلَافِ : هُوَ مَا ذُكِرَ قَبْلَ هَذَا مِنَ الْخِلَافِ فِي الْأَمْرِ بِالشَّيْءِ ، هَلْ هُوَ عَيْنُ النَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ ، أَوْ مُسْتَلْزِمٌ لَهُ أَوْ لَيْسَ عَيْنَهُ وَلَا مُسْتَلْزِمًا لَهُ ؟ يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ الْخِلَافَ أَيْضًا فِي النَّهْيِ عَنِ الشَّيْءِ هَلْ هُوَ عَيْنُ الْأَمْرِ بِضِدِّهِ ؟ أَوْ ضِدٌّ مِنْ أَضْدَادِهِ إِنْ تَعَدَّدَتْ ؟ أَوْ مُسْتَلْزِمٌ لِذَلِكَ ؟ أَوْ لَيْسَ عَيْنَهُ وَلَا مُسْتَلْزِمًا لَهُ ؟ وَزَادَ فِي النَّهْيِ قَوْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ أَمَرَ بِالضِّدِّ اتِّفَاقًا .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَيْسَ أَمْرًا بِهِ قَطْعًا ، وَعَزَا الْأَخِيرَ
لِابْنِ الْحَاجِبِ فِي " مُخْتَصَرِهِ " ، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ
السُّبْكِيَّ فِي " جَمْعِ الْجَوَامِعِ " ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ ذَلِكَ الْقَوْلَ لِغَيْرِ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنِ الْحَاجِبِ .
[ ص: 96 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ أَيْ : مِنَ الْجِهَاتِ الَّتِي يَحِلُّ فِيهَا أَنْ تُقْرَبَ الْمَرْأَةُ ، وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ لَا يَحِلُّ ، كَمَا إِذَا كُنَّ صَائِمَاتٍ ، أَوْ مُحْرِمَاتٍ ، أَوْ مُعْتَكِفَاتٍ .
وَقَالَ
أَبُو رَزِينٍ وَعِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ يَعْنِي طَاهِرَاتٍ غَيْرِ حُيَّضٍ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .