الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
ثم قال ابن حامد: فصل: ومما يجب الإيمان به والتصديق: ما ورد في الأخبار من المماسة والقرب من الحق سبحانه لنبيه عليه الصلاة والسلام، وقد اعتمد أصحابنا في ذلك على جواب أبي عبد الله في هذا: في المقام المحمود.

فقال أبو بكر بن صدقة: ذكر الحديث عند أبي عبد الله، فقال: [فاتني] عن ابن فضيل، وجعل يتلهف. [ ص: 215 ] وقال عبد الله: قال أبي: ما وقع لي بعلو، وجعل كأنه يتلهف، إذ لم يقع [له] بعلو. وهو حديث أحمد بن حنبل عن ابن فضيل، عن ليث، عن [ ص: 215 ] مجاهد عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا [الإسراء: 79]، قال: يقعده معه على العرش، فيطلق ذلك كما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. ويجوز أن يكون مقاما مخصوصا لمقعد النبي صلى الله عليه وسلم. ويشهد لذلك: ما رواه الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب كتابا بيده، قبل أن يخلق [ ص: 217 ] السموات والأرض، وهو معه على العرش: إن رحمتي تغلب غضبي" وأحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا [ ص: 218 ] أبو هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما قضى الله -يعني الخلق- كتب كتابا هو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي".

قال ابن حامد وقد ذكر في كتاب (السنة) أخبارا عن الصحابة في (الدنو) فروى عن محمد بن بشر، قال: حدثنا [ ص: 219 ] عبد الرحمن بن [شريك] عن أبيه، حدثني [عبد العزيز بن رفيع]، وسالم الأفطس، عن سعيد بن جبير قال: "إذا [ ص: 220 ] نظر داود إلى خطيئته ولى هاربا، فيناديه الله عز وجل: يا داود، ادن مني، فلا يزال يدنيه حتى يمس بعضه" ورواه وكيع عن سفيان عن منصور وعن مجاهد، عن عبيد ابن عمير وإن له عندنا لزلفى [ص: 25] قال: ذكر الدنو حتى يمس بعضه.

قال: وقد روي أشد من هذا عن مجاهد، فرووا من [ ص: 221 ] طريق الحديث الأول، قال: حدثني إبراهيم بن مهاجر، وليث بن أبي سليم، قالا: حدثنا مجاهد قال: "إذا كان يوم القيامة، ذكر داود ذنبه، فيقول الله تعالى: كن أمامي، فيقول: ذنبي ذنبي، فيقول الله عز وجل: كن خلفي، فيقول: ذنبي ذنبي، فيقول الله عز وجل: خذ بقدمي". وبالإسناد حدثني أبو يحيى القتات، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي، عن [ ص: 222 ] أبي مالك عن ابن عباس في قوله تعالى: وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب [ص: 25]، قال: "يدنو منه حتى يقول الله عز وجل: خذ بقدمي".

قال ابن حامد: وهذا كله يقطع به كما جاءت به الأخبار.

والمقصود هنا: أن هذا الحديث في الجملة من أحاديث الصفات، التي نص الأئمة على أنه يمر كما جاء، وردوا على من نفى موجبه.

التالي السابق


الخدمات العلمية