الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإن قيل : فما تقولون لو استلحق الحمل وقذفها بالزنى فقال : هذا الولد مني ، وقد زنت ، ما حكم هذه المسألة ؟

قيل : قد اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال

أحدها : أنه يحد ويلحق به الولد ، ولا يمكن من اللعان .

والثاني : أنه يلاعن وينتفي الولد .

والثالث : أنه يلاعن للقذف ويلحقه الولد . والثلاثة روايات عن مالك ، والمنصوص عن أحمد : أنه لا يصح استلحاق الولد كما لا يصح نفيه .

قال أبو محمد : وإن استلحق الحمل فمن قال : لا يصح نفيه قال : لا يصح استلحاقه ، وهو المنصوص عن أحمد . ومن أجاز نفيه قال : يصح [ ص: 348 ] استلحاقه ، وهو مذهب الشافعي ؛ لأنه محكوم بوجوده ، بدليل وجوب النفقة ووقف الميراث ، فصح الإقرار به كالمولود ، وإذا استلحقه لم يملك نفيه بعد ذلك ، كما لو استلحقه بعد الوضع . ومن قال : لا يصح استلحاقه قال : لو صح استلحاقه للزمه بترك نفيه كالمولود ، ولا يلزمه ذلك بالإجماع ، وليس للشبه أثر في الإلحاق ، بدليل حديث الملاعنة ، وذلك مختص بما بعد الوضع ، فاختص صحة الإلحاق به ، فعلى هذا لو استلحقه ثم نفاه بعد وضعه كان له ذلك ، فأما إن سكت عنه فلم ينفه ولم يستلحقه لم يلزمه عند أحد علمنا قوله ؛ لأنه تركه محتمل ؛ لأنه لا يتحقق وجوده إلا أن يلاعنها ، فإن أبا حنيفة ألزمه الولد على ما أسلفناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية