nindex.php?page=treesubj&link=28975وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها الخطاب لجميع من أظهر الإيمان من محق ومنافق ؛ لأنه إذا أظهر الإيمان فقد لزمه أن يمتثل أوامر كتاب الله . فالمنزل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=68وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره [ ص: 357 ] . وكان المنافقون يجلسون إلى أحبار
اليهود فيسخرون من القرآن . وقرأ
عاصم ويعقوب " وقد نزل " بفتح النون والزاي وشدها ؛ لتقدم اسم الله جل جلاله في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=139فإن العزة لله جميعا . وقرأ
حميد كذلك ، إلا أنه خفف الزاي . الباقون " نزل " غير مسمى الفاعل .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140أن إذا سمعتم آيات الله موضع أن إذا سمعتم على قراءة
عاصم ويعقوب نصب بوقوع الفعل عليه . وفي قراءة الباقين رفع ؛ لكونه اسم ما لم يسم فاعله . يكفر بها أي إذا سمعتم الكفر والاستهزاء بآيات الله ؛ فأوقع السماع على الآيات ، والمراد سماع الكفر والاستهزاء ؛ كما تقول : سمعت عبد الله يلام ، أي سمعت اللوم في عبد الله .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره أي غير الكفر .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140إنكم إذا مثلهم فدل بهذا على وجوب
nindex.php?page=treesubj&link=18837_28263اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر ؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ،
nindex.php?page=treesubj&link=29483والرضا بالكفر كفر ؛ قال الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140إنكم إذا مثلهم . فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء ، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها ؛ فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية . وقد روي عن
عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه أخذ قوما يشربون الخمر ، فقيل له عن أحد الحاضرين : إنه صائم ، فحمل عليه الأدب وقرأ هذه الآية
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140إنكم إذا مثلهم أي إن
nindex.php?page=treesubj&link=29483الرضا بالمعصية معصية ؛ ولهذا يؤاخذ الفاعل والراضي بعقوبة المعاصي حتى يهلكوا بأجمعهم . وهذه المماثلة ليست في جميع الصفات ، ولكنه إلزام شبه بحكم الظاهر من المقارنة ؛ كما قال :
فكل قرين بالمقارن يقتدي
وقد تقدم . وإذا ثبت تجنب أصحاب المعاصي كما بينا فتجنب أهل البدع والأهواء أولى . وقال
الكلبي : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره نسخ بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=69وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء . وقال عامة المفسرين : هي محكمة . وروى
جويبر عن
الضحاك قال : دخل في هذه الآية كل محدث في الدين مبتدع إلى يوم القيامة .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140إن الله جامع المنافقين الأصل " جامع " بالتنوين فحذف استخفافا ؛ فإنه بمعنى يجمع .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141الذين يتربصون بكم يعني المنافقين ، أي ينتظرون بكم الدوائر .
[ ص: 358 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141فإن كان لكم فتح من الله أي غلبة على اليهود وغنيمة .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141قالوا ألم نكن معكم أي أعطونا من الغنيمة .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141وإن كان للكافرين نصيب أي ظفر .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141قالوا ألم نستحوذ عليكم أي ألم نغلب عليكم حتى هابكم المسلمون وخذلناهم عنكم . يقال : استحوذ على كذا أي غلب عليه ؛ ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=19استحوذ عليهم الشيطان . وقيل : أصل الاستحواذ الحوط ؛ حاذه يحوذه حوذا إذا حاطه . وهذا الفعل جاء على الأصل ، ولو أعل لكان ألم نستحذ ، والفعل على الإعلال استحاذ يستحيذ ، وعلى غير الإعلال استحوذ يستحوذ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141ونمنعكم من المؤمنين أي بتخذيلنا إياهم عنكم ، وتفريقنا إياهم مما يريدونه منكم . والآية تدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=30723_30881_29378المنافقين كانوا يخرجون في الغزوات مع المسلمين ولهذا قالوا : ألم نكن معكم ؟ وتدل على أنهم كانوا لا يعطونهم الغنيمة ولهذا طلبوها وقالوا : ألم نكن معكم ! ويحتمل أن يريدوا بقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141ألم نكن معكم الامتنان على المسلمين . أي كنا نعلمكم بأخبارهم وكنا أنصارا لكم .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا للعلماء فيه تأويلات خمس :
أحدها : ما روي عن
يسيع الحضرمي قال : كنت عند
علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال له رجل يا أمير المؤمنين ، أرأيت قول الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا كيف ذلك ، وهم يقاتلوننا ويظهرون علينا أحيانا ! فقال
علي رضي الله عنه : معنى ذلك يوم القيامة يوم الحكم . وكذا قال
ابن عباس : ذاك يوم القيامة . قال
ابن عطية : وبهذا قال جميع أهل التأويل . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وهذا ضعيف : لعدم فائدة الخبر فيه ، وإن أوهم صدر الكلام معناه ؛ لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141فالله يحكم بينكم يوم القيامة فأخر الحكم إلى يوم القيامة . وجعل الأمر في الدنيا دولا تغلب الكفار تارة وتغلب أخرى ؛ بما رأى من الحكمة وسبق من الكلمة . ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا فتوهم من توهم أن آخر الكلام يرجع إلى أوله ، وذلك يسقط فائدته ، إذ يكون تكرارا .
الثاني : إن الله لا يجعل لهم سبيلا يمحو به دولة المؤمنين ، ويذهب آثارهم ويستبيح بيضتهم ؛ كما جاء في صحيح
مسلم من حديث
ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832753وإني سألت ربي ألا يهلكها بسنة عامة وألا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني قد أعطيتك لأمتك ألا أهلكهم بسنة عامة وألا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم [ ص: 359 ] فيستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا .
الثالث : إن الله سبحانه لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا منه إلا أن يتواصوا بالباطل ولا يتناهوا عن المنكر ويتقاعدوا عن التوبة فيكون تسليط العدو من قبلهم ؛ كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=30وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وهذا نفيس جدا .
قلت : ويدل عليه قوله عليه السلام في حديث
ثوبان حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا وذلك أن " حتى " غاية ؛ فيقتضي ظاهر الكلام أنه لا يسلط عليهم عدوهم فيستبيحهم إلا إذا كان منهم إهلاك بعضهم لبعض ، وسبي بعضهم لبعض ، وقد وجد ذلك في هذه الأزمان بالفتن الواقعة بين المسلمين ؛ فغلظت شوكة الكافرين واستولوا على بلاد المسلمين حتى لم يبق من الإسلام إلا أقله ؛ فنسأل الله أن يتداركنا بعفوه ونصره ولطفه .
الرابع : إن الله سبحانه لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا شرعا ؛ فإن وجد فبخلاف الشرع .
الخامس :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا أي حجة عقلية ولا شرعية يستظهرون بها إلا أبطلها ودحضت .
الثانية :
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : ونزع علماؤنا بهذه الآية في الاحتجاج على أن
nindex.php?page=treesubj&link=26224الكافر لا يملك العبد المسلم . وبه قال
أشهب nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : لأن الله سبحانه نفى السبيل للكافر عليه ، والملك بالشراء سبيل ، فلا يشرع له ولا ينعقد العقد بذلك . وقال
ابن القاسم عن
مالك ، وهو قول
أبي حنيفة : إن معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا في دوام الملك ؛ لأنا نجد الابتداء يكون له عليه وذلك بالإرث . وصورته أن يسلم عبد كافر في يد كافر فيلزم القضاء عليه ببيعه ، فقبل الحكم عليه ببيعه مات ، فيرث العبد المسلم وارث الكافر . فهذه سبيل قد ثبت قهرا لا قصد فيه ، وإن ملك الشراء ثبت بقصد النية ، فقد أراد الكافر تملكه باختياره ، فإن حكم بعقد بيعه وثبوت ملكه فقد حقق فيه قصده ، وجعل له سبيل عليه . قال
أبو عمر : وقد أجمع المسلمون على أن
nindex.php?page=treesubj&link=24141عتق النصراني أو اليهودي لعبده المسلم صحيح نافذ عليه . وأجمعوا أنه إذا أسلم عبد الكافر فبيع عليه أن ثمنه يدفع إليه . فدل على أنه على ملكه بيع وعلى ملكه ثبت العتق له ، إلا أنه ملك غير مستقر لوجوب بيعه عليه ؛ وذلك والله أعلم لقول الله عز وجل :
[ ص: 360 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا يريد الاسترقاق والملك والعبودية ملكا مستقرا دائما .
واختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=4437شراء العبد الكافر العبد المسلم على قولين : أحدهما : البيع مفسوخ . والثاني : البيع صحيح ويباع على المشتري .
الثالثة : واختلف العلماء أيضا من هذا الباب في
nindex.php?page=treesubj&link=23941رجل نصراني دبر عبدا له نصرانيا فأسلم العبد ؛ فقال
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في أحد قوليه : يحال بينه وبين العبد ، ويخارج على سيده النصراني ، ولا يباع عليه حتى يتبين أمره . فإن هلك النصراني وعليه دين قضي دينه من ثمن العبد المدبر ، إلا أن يكون في ماله ما يحمل المدبر فيعتق المدبر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القول الآخر : إنه يباع عليه ساعة أسلم ؛ واختاره
المزني ؛ لأن المدبر وصية ولا يجوز ترك مسلم في ملك مشرك يذله ويخارجه ، وقد صار بالإسلام عدوا له . وقال
الليث بن سعد : يباع النصراني من مسلم فيعتقه ، ويكون ولاؤه للذي اشتراه وأعتقه ، ويدفع إلى النصراني ثمنه . وقال
سفيان والكوفيون : إذا أسلم مدبر النصراني قوم قيمته فيسعى في قيمته ، فإن مات النصراني قبل أن يفرغ المدبر من سعايته عتق العبد وبطلت السعاية .
nindex.php?page=treesubj&link=28975وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا الْخِطَابُ لِجَمِيعِ مَنْ أَظْهَرَ الْإِيمَانَ مِنْ مُحِقٍّ وَمُنَافِقٍ ؛ لِأَنَّهُ إِذَا أَظْهَرَ الْإِيمَانَ فَقَدْ لَزِمَهُ أَنْ يَمْتَثِلَ أَوَامِرَ كِتَابِ اللَّهِ . فَالْمُنَزَّلُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=68وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ [ ص: 357 ] . وَكَانَ الْمُنَافِقُونَ يَجْلِسُونَ إِلَى أَحْبَارِ
الْيَهُودِ فَيَسْخَرُونَ مِنَ الْقُرْآنِ . وَقَرَأَ
عَاصِمٌ وَيَعْقُوبُ " وَقَدْ نَزَّلَ " بِفَتْحِ النُّونِ وَالزَّايِ وَشَدِّهَا ؛ لِتَقَدُّمِ اسْمِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=139فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا . وَقَرَأَ
حُمَيْدٌ كَذَلِكَ ، إِلَّا أَنَّهُ خَفَّفَ الزَّايَ . الْبَاقُونَ " نُزِّلَ " غَيْرُ مُسَمَّى الْفَاعِلِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ مَوْضِعُ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ عَلَى قِرَاءَةِ
عَاصِمٍ وَيَعْقُوبَ نَصْبٌ بِوُقُوعِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ . وَفِي قِرَاءَةِ الْبَاقِينَ رَفْعٌ ؛ لِكَوْنِهِ اسْمَ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ . يُكْفَرُ بِهَا أَيْ إِذَا سَمِعْتُمُ الْكُفْرَ وَالِاسْتِهْزَاءَ بِآيَاتِ اللَّهِ ؛ فَأَوْقَعَ السَّمَاعَ عَلَى الْآيَاتِ ، وَالْمُرَادُ سَمَاعُ الْكُفْرِ وَالِاسْتِهْزَاءِ ؛ كَمَا تَقُولُ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يُلَامُ ، أَيْ سَمِعْتُ اللَّوْمَ فِي عَبْدِ اللَّهِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ الْكُفْرِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ فَدَلَّ بِهَذَا عَلَى وُجُوبِ
nindex.php?page=treesubj&link=18837_28263اجْتِنَابِ أَصْحَابِ الْمَعَاصِي إِذَا ظَهَرَ مِنْهُمْ مُنْكَرٌ ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَجْتَنِبْهُمْ فَقَدْ رَضِيَ فِعْلَهُمْ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29483وَالرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ . فَكُلُّ مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسِ مَعْصِيَةٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ يَكُونُ مَعَهُمْ فِي الْوِزْرِ سَوَاءً ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهِمْ إِذَا تَكَلَّمُوا بِالْمَعْصِيَةِ وَعَمِلُوا بِهَا ؛ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النَّكِيرِ عَلَيْهِمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ عَنْهُمْ حَتَّى لَا يَكُونَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْآيَةِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَخَذَ قَوْمًا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ ، فَقِيلَ لَهُ عَنْ أَحَدِ الْحَاضِرِينَ : إِنَّهُ صَائِمٌ ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ الْأَدَبَ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ أَيْ إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29483الرِّضَا بِالْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ ؛ وَلِهَذَا يُؤَاخَذُ الْفَاعِلُ وَالرَّاضِي بِعُقُوبَةِ الْمَعَاصِي حَتَّى يَهْلَكُوا بِأَجْمَعِهِمْ . وَهَذِهِ الْمُمَاثَلَةُ لَيْسَتْ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ ، وَلَكِنَّهُ إِلْزَامٌ شُبِّهَ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ مِنَ الْمُقَارَنَةِ ؛ كَمَا قَالَ :
فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارِنِ يَقْتَدِي
وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَإِذَا ثَبَتَ تَجَنُّبُ أَصْحَابِ الْمَعَاصِي كَمَا بَيَّنَّا فَتَجَنُّبُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ أَوْلَى . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=69وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ . وَقَالَ عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ : هِيَ مُحْكَمَةٌ . وَرَوَى
جُوَيْبِرٌ عَنِ
الضَّحَّاكِ قَالَ : دَخَلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ كُلُّ مُحْدِثٍ فِي الدِّينِ مُبْتَدِعٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=140إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ الْأَصْلُ " جَامِعٌ " بِالتَّنْوِينِ فَحُذِفَ اسْتِخْفَافًا ؛ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى يَجْمَعُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ ، أَيْ يَنْتَظِرُونَ بِكُمُ الدَّوَائِرَ .
[ ص: 358 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ أَيْ غَلَبَةٌ عَلَى الْيَهُودِ وَغَنِيمَةٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ أَيْ أَعْطُونَا مِنَ الْغَنِيمَةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ أَيْ ظَفَرٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ أَيْ أَلَمْ نَغْلِبْ عَلَيْكُمْ حَتَّى هَابَكُمُ الْمُسْلِمُونَ وَخَذَلْنَاهُمْ عَنْكُمْ . يُقَالُ : اسْتَحْوَذَ عَلَى كَذَا أَيْ غَلَبَ عَلَيْهِ ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=19اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ . وَقِيلَ : أَصْلُ الِاسْتِحْوَاذِ الْحَوْطُ ؛ حَاذَهُ يَحُوذُهُ حَوْذًا إِذَا حَاطَهُ . وَهَذَا الْفِعْلُ جَاءَ عَلَى الْأَصْلِ ، وَلَوْ أُعِلَّ لَكَانَ أَلَمْ نَسْتَحِذْ ، وَالْفِعْلُ عَلَى الْإِعْلَالِ اسْتَحَاذَ يَسْتَحِيذُ ، وَعَلَى غَيْرِ الْإِعْلَالِ اسْتَحْوَذَ يَسْتَحْوِذُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ بِتَخْذِيلِنَا إِيَّاهُمْ عَنْكُمْ ، وَتَفْرِيقِنَا إِيَّاهُمْ مِمَّا يُرِيدُونَهُ مِنْكُمْ . وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30723_30881_29378الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَخْرُجُونَ فِي الْغَزَوَاتِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَلِهَذَا قَالُوا : أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ؟ وَتَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُعْطُونَهُمُ الْغَنِيمَةَ وَلِهَذَا طَلَبُوهَا وَقَالُوا : أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ! وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدُوا بِقَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ الِامْتِنَانَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ . أَيْ كُنَّا نُعْلِمُكُمْ بِأَخْبَارِهِمْ وَكُنَّا أَنْصَارًا لَكُمْ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ تَأْوِيلَاتٌ خَمْسٌ :
أَحَدُهَا : مَا رُوِيَ عَنْ
يُسَيْعَ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا كَيْفَ ذَلِكَ ، وَهُمْ يُقَاتِلُونَنَا وَيَظْهَرُونَ عَلَيْنَا أَحْيَانًا ! فَقَالَ
عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَعْنَى ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ . وَكَذَا قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : ذَاكَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَبِهَذَا قَالَ جَمِيعُ أَهْلِ التَّأْوِيلِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَهَذَا ضَعِيفٌ : لِعَدَمِ فَائِدَةِ الْخَبَرِ فِيهِ ، وَإِنْ أَوْهَمَ صَدْرُ الْكَلَامِ مَعْنَاهُ ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَخَّرَ الْحُكْمَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَجَعَلَ الْأَمْرَ فِي الدُّنْيَا دُوَلًا تَغْلِبُ الْكُفَّارَ تَارَةً وَتُغْلَبُ أُخْرَى ؛ بِمَا رَأَى مِنَ الْحِكْمَةِ وَسَبَقَ مِنَ الْكَلِمَةِ . ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا فَتَوَهَّمَ مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ آخِرَ الْكَلَامِ يَرْجِعُ إِلَى أَوَّلِهِ ، وَذَلِكَ يُسْقِطُ فَائِدَتَهُ ، إِذْ يَكُونُ تَكْرَارًا .
الثَّانِي : إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْعَلُ لَهُمْ سَبِيلًا يَمْحُو بِهِ دَوْلَةَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَيُذْهِبُ آثَارَهُمْ وَيَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ ؛ كَمَا جَاءَ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832753وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي أَلَّا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَلَّا يُسَلَّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ وَإِنَّ رَبِّي قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ وَإِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَلَّا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَلَّا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ [ ص: 359 ] فَيَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا .
الثَّالِثُ : إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَا يَجْعَلُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَتَوَاصَوْا بِالْبَاطِلِ وَلَا يَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَتَقَاعَدُوا عَنِ التَّوْبَةِ فَيَكُونُ تَسْلِيطُ الْعَدُوِّ مِنْ قِبَلِهِمْ ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=30وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَهَذَا نَفِيسٌ جِدًّا .
قُلْتُ : وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ
ثَوْبَانَ حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَذَلِكَ أَنَّ " حَتَّى " غَايَةٌ ؛ فَيَقْتَضِي ظَاهِرُ الْكَلَامِ أَنَّهُ لَا يُسَلِّطُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ فَيَسْتَبِيحُهُمْ إِلَّا إِذَا كَانَ مِنْهُمْ إِهْلَاكُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ، وَسَبْيُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ، وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ بِالْفِتَنِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَغَلُظَتْ شَوْكَةُ الْكَافِرِينَ وَاسْتَوْلَوْا عَلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَقَلُّهُ ؛ فَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَتَدَارَكَنَا بِعَفْوِهِ وَنَصْرِهِ وَلُطْفِهِ .
الرَّابِعُ : إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَا يَجْعَلُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا شَرْعًا ؛ فَإِنْ وُجِدَ فَبِخِلَافِ الشَّرْعِ .
الْخَامِسُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا أَيْ حُجَّةً عَقْلِيَّةً وَلَا شَرْعِيَّةً يَسْتَظْهِرُونَ بِهَا إِلَّا أَبْطَلَهَا وَدُحِضَتْ .
الثَّانِيةُ :
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَنَزَعَ عُلَمَاؤُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي الِاحْتِجَاجِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=26224الْكَافِرَ لَا يَمْلِكُ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ . وَبِهِ قَالَ
أَشْهَبُ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ : لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ نَفَى السَّبِيلَ لِلْكَافِرِ عَلَيْهِ ، وَالْمِلْكُ بِالشِّرَاءِ سَبِيلٌ ، فَلَا يُشْرَعُ لَهُ وَلَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ بِذَلِكَ . وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ
مَالِكٍ ، وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ : إِنَّ مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا فِي دَوَامِ الْمِلْكِ ؛ لِأَنَّا نَجِدُ الِابْتِدَاءَ يَكُونُ لَهُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ بِالْإِرْثِ . وَصُورَتُهُ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدٌ كَافِرٌ فِي يَدِ كَافِرٍ فَيَلْزَمُ الْقَضَاءَ عَلَيْهِ بِبَيْعِهِ ، فَقَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِبَيْعِهِ مَاتَ ، فَيَرِثُ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ وَارِثُ الْكَافِرِ . فَهَذِهِ سَبِيلٌ قَدْ ثَبَتَ قَهْرًا لَا قَصْدَ فِيهِ ، وَإِنْ مَلَكَ الشِّرَاءَ ثَبَتَ بِقَصْدِ النِّيَّةِ ، فَقَدْ أَرَادَ الْكَافِرُ تَمَلُّكَهُ بِاخْتِيَارِهِ ، فَإِنْ حُكِمَ بِعَقْدِ بَيْعِهِ وَثُبُوتِ مِلْكِهِ فَقَدْ حُقِّقَ فِيهِ قَصْدُهُ ، وَجُعِلَ لَهُ سَبِيلٌ عَلَيْهِ . قَالَ
أَبُو عُمَرَ : وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24141عِتْقَ النَّصْرَانِيِّ أَوِ الْيَهُودِيِّ لِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ صَحِيحٌ نَافِذٌ عَلَيْهِ . وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الْكَافِرِ فَبِيعَ عَلَيْهِ أَنَّ ثَمَنَهُ يُدْفَعُ إِلَيْهِ . فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ بِيعَ وَعَلَى مِلْكِهِ ثَبَتَ الْعِتْقُ لَهُ ، إِلَّا أَنَّهُ مِلْكٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ لِوُجُوبِ بَيْعِهِ عَلَيْهِ ؛ وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
[ ص: 360 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا يُرِيدُ الِاسْتِرْقَاقَ وَالْمِلْكَ وَالْعُبُودِيَّةَ مِلْكًا مُسْتَقِرًّا دَائِمًا .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=4437شِرَاءِ الْعَبْدِ الْكَافِرِ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ عَلَى قَوْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : الْبَيْعُ مَفْسُوخٌ . وَالثَّانِي : الْبَيْعُ صَحِيحٌ وَيُبَاعُ عَلَى الْمُشْتَرِي .
الثَّالِثَةُ : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=23941رَجُلٍ نَصْرَانِيٍّ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ ؛ فَقَالَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ : يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ ، وَيُخَارَجُ عَلَى سَيِّدِهِ النَّصْرَانِيِّ ، وَلَا يُبَاعُ عَلَيْهِ حَتَّى يُتَبَيَّنَ أَمْرُهُ . فَإِنْ هَلَكَ النَّصْرَانِيُّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قُضِيَ دَيْنُهُ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ الْمُدَبَّرِ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَالِهِ مَا يَحْمِلُ الْمُدَبَّرَ فَيَعْتِقُ الْمُدَبَّرَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ : إِنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهِ سَاعَةَ أَسْلَمَ ؛ وَاخْتَارَهُ
الْمُزَنِيُّ ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ وَصِيَّةٌ وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ مُسْلِمٍ فِي مِلْكِ مُشْرِكٍ يُذِلُّهُ وَيُخَارِجُهُ ، وَقَدْ صَارَ بِالْإِسْلَامِ عَدُوًّا لَهُ . وَقَالَ
اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ : يُبَاعُ النَّصْرَانِيُّ مِنْ مُسْلِمٍ فَيُعْتِقُهُ ، وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِلَّذِي اشْتَرَاهُ وَأَعْتَقَهُ ، وَيُدْفَعُ إِلَى النَّصْرَانِيِّ ثَمَنُهُ . وَقَالَ
سُفْيَانُ وَالْكُوفِيُّونَ : إِذَا أَسْلَمَ مُدَبَّرُ النَّصْرَانِيِّ قُوِّمَ قِيمَتَهُ فَيُسْعَى فِي قِيمَتِهِ ، فَإِنْ مَاتَ النَّصْرَانِيُّ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ الْمُدَبَّرُ مِنْ سِعَايَتِهِ عُتِقَ الْعَبْدُ وَبَطَلَتِ السِّعَايَةُ .