الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الباب الثاني في أحكام الالتقاط الصحيح

                                                                                                                                                                        وهي أربعة :



                                                                                                                                                                        [ الحكم ] الأول : في الأمانة ، والضمان ، ويخلتف ذلك بقصده . وله أحوال :

                                                                                                                                                                        أحدها : أن يأخذها ليحفظها أبدا ، فهي أمانة في يده . فلو دفعها إلى الحاكم لزمه القبول . وكذا من أخذ للتملك ، ثم بدا له ودفعها إلى الحاكم ، لزمه القبول . وهل يجب التعريف إذا قصد الحفظ أبدا ؟ وجهان يأتي بيانهما - إن شاء الله تعالى - . فإن لم يجب ، لم يضمن بتركه . وإذا بدا له قصد التملك ، عرفها سنة من يومئذ ، ولا يعتد بما عرف من قبل . وإن أوجبناه ، فهو ضامن بالترك . حتى لو بدأ بالتعريف بعد ذلك ، فهلك في سنة التعريف ، ضمن .

                                                                                                                                                                        الثاني : أن يأخذ بنية الخيانة ، والاستيلاء ، فيكون ضامنا غاصبا . وفي براءته بالدفع إلى الحاكم الوجهان في الغاصب ، فلو عرف بعد ذلك وأراد التملك ، لم يكن له ذلك على المذهب ، وبه قطع الجمهور ، كالغاصب ، وقيل : وجهان ، لوجود صورة الالتقاط .

                                                                                                                                                                        الثالث : أن يأخذها ليعرفها سنة ، ويتملكها بعد السنة ، فهي أمانة في السنة ، [ ص: 407 ] وأما بعد السنة ، فإن قلنا : تملك بمضي السنة ، فقد دخلت في ملكه ، وضمانه ، وإلا ، فقال الغزالي : تصير مضمونة عليه إذا كان غرم التملك مطردا ، ولم يوافقه غيره ، فالأصح ما صرح ابن الصباغ ، والبغوي : أنها أمانة ما لم يختر التملك قصدا ، أو لفظا إذا اعتبرناه ، كما قبل الحول ، لكن إذا اختار وقلنا : لا بد من التصرف ، فحينئذ يكون مضمونا عليه كالقرض . وإذا قصد الأمانة ، ثم قصد الخيانة ، فالأصح أنه لا يصير مضمونا عليه بمجرد القصد ، كالمودع لا يضمن بنية الخيانة على المذهب . والثاني : يصير ، لأنه لم يسلطه المالك . ومهما صار الملتقط ضامنا في الدوام ، إما بحقيقة الخيانة ، أو بقصدها ، ثم أقلع ، وأراد أن يعرف ، ويتملك ، فله ذلك على الأصح .

                                                                                                                                                                        الحال الرابع : أن يأخذ اللقطة ، ولا يقصد خيانة ، ولا أمانة ، أو يقصد أحدهما وينساه ، فلا تكون مضمونة عليه وله التملك بشرطه .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية