الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الحكم الثالث : التملك ، فيجوز تملك اللقطة بعد التعريف ، سواء كان الملتقط غنيا ، أو فقيرا ، ومتى تملك ؟ فيه أوجه . أصحها : لا تملك إلا بلفظ ، كقوله : تملكت ونحوه . والثاني : لا تملك ما لم يتصرف . وعلى هذا ، يشبه أن يجيء الخلاف المذكور في القرض ، في أن الملك بأي نوع من التصرف يحصل . والثالث : يكفيه تجديد قصد التملك بعد التعريف ، ولا يشترط لفظ . والرابع : تملك بمجرد مضي السنة .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        في لقطة مكة وحرمها وجهان . الصحيح : أنه لا يجوز أخذها للتملك ، وإنما تؤخذ للحفظ أبدا . والثاني : أنها كلقطة سائر البقاع . قال هذا القائل : والمراد [ ص: 413 ] بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا تحل لقطتها إلا لمنشد " أنه لا بد من تعريفها سنة كغيرها ، لئلا يتوهم أن تعريفها في الموسم كاف لكثرة الناس ، وبعد العود في طلبها من الآفاق .

                                                                                                                                                                        قلت : قال أصحابنا : ويلزم الملتقط بها الإقامة للتعريف ، أو دفعها إلى الحاكم ، فلا يجيء هنا الخلاف السابق فيمن التقط للحفظ ، هل يلزمه التعريف ؟ بل يجزم هنا بوجوبه ، للحديث . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        الحكم الرابع : رد عينها ، أو بدلها عند ظهور مالكها . فإذا جاء من يدعيها ، فإن لم يقم بينة أنها له ، ولم يصفها ، لم تدفع إليه ، إلا أن يعلم الملتقط أنها له ، فيلزم الدفع إليه . وإن أقام بينة ، دفعت إليه . وإن وصفها ، نظر ، إن لم يظن الملتقط صدقه ، لم يدفع إليه على المذهب المعروف ، وحكى الإمام ترددا في جواز الدفع ، وإن ظن صدقه ، جاز الدفع إليه ، ولا يجب على المذهب ، وبه قطع الجمهور . ونقل الإمام في وجوبه وجهين . فعلى المذهب ، لو قال الواصف : يلزمك تسليمها إلي ، فله أن يحلف أنه لا يلزمه . ولو قال : تعلم أنها ملكي ، فله أن يحلف أنه لا يعلم . ولو أقام الواصف شاهدا ، فالمذهب أنه لا يجب الدفع ، واختار الغزالي وجوبه . وإذا دفعها إلى الواصف بوصفه ، فأقام غيره بينة أنها له ، فإن كانت باقية ، انتزعت منه ودفعت إلى الثاني . وإن تلفت عنده ، فهو بالخيار بين أن يضمن الملتقط ، أو الواصف . فإن ضمن الواصف ، لم يرجع على الملتقط . وإن ضمن الملتقط ، رجع على الواصف إن لم يقر بالملك للواصف . وإن أقر ، لم يرجع ، مؤاخذة له . هذا إذا دفع بنفسه . أما إذا ألزمه الحاكم الدفع إلى الواصف ، فليس لصاحب البينة تضمينه .

                                                                                                                                                                        [ ص: 414 ] فرع

                                                                                                                                                                        لو جاء الواصف بعد أن تملك الملتقط اللقطة ، وأتلفها ، فغرمها الملتقط لظنه صدقه ، فأقام آخر بينة بها ، طالب الملتقط دون الواصف ، لأن الحاصل عند الواصف مال الملتقط ، لا ماله . وإذا غرم الملتقط ، هل يرجع على الواصف ؟ ينظر ، هل أقر له بالملك أم لا كما سبق

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        أقام مدعي اللقطة شاهدين عدلين عنده وعند الملتقط ، وهما فاسقان عند القاضي ، لم يلزمه القاضي الدفع على الصحيح . وقيل : يلزمه ، لاعترافه بعدالتهما .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        [ إذا ] ادعاها اثنان ، وأقام كل واحد بينة أنها له ، ففيه أقوال التعارض .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية