الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1475 ) مسألة ; ( قال : فيصلي بهم ركعتين ) لا نعلم بين القائلين بصلاة الاستسقاء خلافا في أنها ركعتان ، واختلفت الرواية في صفتها ، فروي أنه يكبر فيهما كتكبير العيد سبعا في الأولى ، وخمسا في الثانية . وهو قول سعيد بن المسيب ، وعمر بن عبد العزيز ، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، وداود ، والشافعي . وحكي عن ابن عباس ; وذلك لقول ابن عباس في حديثه : وصلى ركعتين ، كما كان يصلي في العيد .

                                                                                                                                            وروى جعفر بن محمد ، عن أبيه { ، أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ، وعمر ، كانوا يصلون صلاة الاستسقاء ، يكبرون فيها [ ص: 149 ] سبعا وخمسا } . والرواية الثانية ، أنه يصلي ركعتين كصلاة التطوع . وهو مذهب مالك ، والأوزاعي ، وأبي ثور ، وإسحاق ; لأن عبد الله بن زيد قال : استسقى النبي صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين ، وقلب رداءه . متفق عليه .

                                                                                                                                            وروى أبو هريرة نحوه . ولم يذكر التكبير ، وظاهره أنه لم يكبر ، وهذا ظاهر كلام الخرقي ، وكيفما فعل كان جائزا حسنا . وقال أبو حنيفة : لا تسن الصلاة للاستسقاء ، ولا الخروج لها ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم { استسقى على المنبر يوم الجمعة ، ولم يصل لها } ، واستسقى عمر بالعباس ولم يصل .

                                                                                                                                            وليس هذا بشيء ، فإنه قد ثبت بما رواه عبد الله بن زيد ، وابن عباس ، وأبو هريرة أنه خرج وصلى ، وما ذكروه لا يعارض ما رووه ، لأنه يجوز الدعاء بغير صلاة ، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكروه لا يمنع فعل ما ذكرناه ، بل قد فعل النبي صلى الله عليه وسلم الأمرين . قال ابن المنذر : ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الاستسقاء ، وخطب . وبه قال عوام أهل العلم إلا أبا حنيفة ، وخالفه أبو يوسف ، ومحمد بن الحسن ، فوافقا سائر العلماء ، والسنة يستغنى بها عن كل قول .

                                                                                                                                            ويسن أن يجهر بالقراءة ; لما روى عبد الله بن زيد ، قال { : خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي ، فتوجه إلى القبلة يدعو ، وحول رداءه ، ثم صلى ركعتين ، جهر فيهما بالقراءة } . متفق عليه . وإن قرأ فيهما ب { سبح اسم ربك الأعلى } ، و { هل أتاك حديث الغاشية } فحسن لقول ابن عباس : صلى ركعتين ، كما كان يصلي في العيد .

                                                                                                                                            وروى ابن قتيبة ، في " غريب الحديث " ، بإسناده عن أنس ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج للاستسقاء ، فتقدم فصلى بهم ركعتين ، يجهر فيهما بالقراءة ، وكان يقرأ في العيدين والاستسقاء ، في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب ، و " سبح اسم ربك الأعلى " وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب ، و " هل أتاك حديث الغاشية " } .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية