الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : وإن تدعوهم إلى الهدى بيان لعجزهم عما هو أدنى من النصر المنفي عنهم وأيسر ، وهو مجرد الدلالة على المطلوب ، والإرشاد إلى طريق حصوله من غير أن يحصله الطالب ، والخطاب للمشركين بطريق الالتفات المنبئ عن مزيد الاعتناء بأمر التوبيخ والتبكيت ; أي : إن تدعوهم أيها المشركون إلى أن يهدوكم إلى ما تحصلون به المطالب ، أو تنجون به عن المكاره .

                                                                                                                                                                                                                                      لا يتبعوكم إلى مرادكم وطلبتكم ، وقرئ بالتخفيف .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون استئناف مقرر لمضمون ما قبله ومبين لكيفية عدم الاتباع ; أي : مستو عليكم في عدم الإفادة دعاؤكم لهم وسكوتكم البحت ، فإنه لا يتغير حالكم في الحالين كما لا يتغير حالهم بحكم الجمادية .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : أم أنتم صامتون جملة اسمية في معنى الفعلية معطوفة على الفعلية ; لأنها في قوة أم صمتم ، عدل عنها للمبالغة في عدم إفادة الدعاء ، [ ص: 306 ] ببيان مساواته للسكوت الدائم المستمر .

                                                                                                                                                                                                                                      وما قيل من أن الخطاب للمسلمين ، والمعنى : وإن تدعوا المشركين إلى الهدى ; أي : الإسلام ، لا يتبعوكم ... إلخ ، مما لا يساعده سباق النظم الكريم ، وسياقه أصلا على أنه لو كان كذلك لقيل : " عليهم " مكان " عليكم " ، كما في قوله تعالى : سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ; فإن استواء الدعاء وعدمه إنما هو بالنسبة إلى المشركين لا بالنسبة إلى الداعين ، فإنهم فائزون بفضل الدعوة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية