ص ( - بَابٌ - تَجِبُ زَكَاةُ النَّعَمِ ) ش الزَّكَاةُ فِي اللُّغَةِ : النُّمُوُّ وَالْبَرَكَةُ وَزِيَادَةُ الْخَيْرِ ، يُقَالُ : زَكَا الزَّرْعُ إذَا نَمَا وَزَكَتْ النَّفَقَةُ إذَا بُورِكَ فِيهَا وَفُلَانٌ زَاكٍ أَيْ كَثِيرُ الْخَيْرِ ، وَيُطْلَقُ عَلَى التَّطْهِيرِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=91&ayano=9قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا } أَيْ طَهَّرَهَا مِنْ الْأَدْنَاسِ وَمُنَاسَبَتُهَا لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ سَبَبًا لِنُمُوِّ الْمَالِ الْمُخْرَجِ مِنْهُ وَطُهْرَةً لِلْمُخْرِجِ مِنْ الْإِثْمِ ، وَفِي الشَّرْعِ قَالَ
ابْنُ عَرَفَةَ nindex.php?page=treesubj&link=2645 : الزَّكَاةُ اسْمُ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ شَرْطُهُ لِمُسْتَحِقِّهِ بِبُلُوغِ الْمَالِ نِصَابًا وَمَصْدَرُ إخْرَاجِ جُزْءٍ إلَى آخِرِهِ ، وَعُلِمَ وُجُوبِهَا لِغَيْرِ حَدِيثِ الْإِسْلَامِ ضَرُورِيٌّ
ابْنُ رُشْدٍ جَاحِدُهَا كَافِرٌ
قُلْت يُرِيدُ غَيْرَ الْحَدِيثِ ، وَبَطَلَ قَوْلُ
ابْنِ حَبِيبٍ تَارِكُهَا كَافِرٌ ، انْتَهَى . وَعَرَّفَهَا بَعْضُهُمْ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَعْنِي كَوْنَهَا اسْمًا فَقَالَ : هِيَ اسْمٌ لِقَدْرٍ مِنْ الْمَالِ يُخْرِجُهُ الْمُسْلِمُ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ لِطَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ بِالنِّيَّةِ وَسُمِّيَتْ زَكَاةً ; لِأَنَّ الْمَالَ يَنْمُو بِبَرَكَةِ إخْرَاجِهَا وَمُؤَدِّيهَا يَزْكُو عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَّمَ
الْمُصَنِّفُ كَابْنِ شَاسٍ زَكَاةَ الْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ عَلَى الْعَيْنِ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ تَرْتِيبِ الْمُدَوَّنَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=12671وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا لِشَرَفِ مَا يَنْمُو بِنَفْسِهِ ، وَقُدِّمَ الْحَيَوَانُ لِشَرَفِهِ عَلَى الْجَمَادِ وَبُدِئَ مِنْهَا بِالْإِبِلِ اقْتِدَاءً بِكِتَابِ
أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلِأَنَّهَا أَشْرَفُ أَمْوَالِ
الْعَرَبِ ، وَالنِّصَابُ بِكَسْرِ النُّونِ فِي اللُّغَةِ : الْأَصْلُ ، وَفِي الشَّرْعِ : الْقَدْرُ الَّذِي إذَا بَلَغَهُ الْمَالُ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ كَذَا فَسَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ وَسُمِّيَ نِصَابًا ; لِأَنَّهُ كَالْعَلَمِ الْمَنْصُوبِ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ أَوْ ; لِأَنَّ الْمَالَ إذَا بَلَغَ النِّصَابَ إلَيْهِ يُبْعَثُ لِلسُّعَاةِ ، وَالنَّصَبُ بِالتَّحْرِيكِ بِمَعْنَى التَّعَبِ أَوْ بِمَعْنَى النَّصِيبِ ; لِأَنَّ لِلْمَسَاكِينِ فِيهِ نَصِيبًا حِينَئِذٍ وَالنَّعَمُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ اسْمٌ لِلْإِبِلِ
[ ص: 256 ] وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ قَالَ
الدَّمِيرِيُّ نَقَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=15472الْوَاقِدِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ وَبِهِ جَزَمَ
النَّوَوِيُّ وَخَصَّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13147ابْنُ دُرَيْدٍ وَالْهَرَوِيُّ بِالْإِبِلِ لِقَوْلِ
حَسَّانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَكَانَ لَا يَزَالُ بِهَا أَنِيسٌ خِلَالَ بُيُوتِهَا نَعَمٌ وَشَاءُ
، وَقِيلَ : يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرَ وَلَا يُطْلَقُ عَلَى الْغَنَمِ ، انْتَهَى .
قُلْت وَعَلَى مَا قَالَهُ
الْهَرَوِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13147وَابْنُ دُرَيْدٍ مَشَى
الْحَرِيرِيُّ فِي دُرَّةِ الْغَوَّاصِ فِي أَوْهَامِ الْخَوَاصِّ فَقَالَ : وَكَذَلِكَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ النَّعَمِ وَالْأَنْعَامِ ، وَقَدْ فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا
الْعَرَبُ فَجَعَلَتْ النَّعَمَ اسْمًا لِلْإِبِلِ خَاصَّةً وَالْمَاشِيَةِ الَّتِي مِنْهَا الْإِبِلُ ، وَقَدْ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَجُعِلَتْ الْأَنْعَامُ اسْمًا لِأَنْوَاعِ الْمَاشِيَةِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَتَّى أَنَّ بَعْضَهُمْ أَدْخَلَ فِيهَا الظِّبَاءَ وَحُمُرَ الْوَحْشِ تَعَلُّقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ } انْتَهَى .
قُلْت ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الصِّحَاحِ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ قَالَ : وَالنَّعَمُ وَاحِدُ الْأَنْعَامِ وَهِيَ الْمَالُ الرَّاعِيَةُ وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ هَذَا الِاسْمُ عَلَى الْإِبِلِ ، قَالَ
الْفَرَّاءُ : وَهُوَ ذَكَرٌ لَا يُؤَنَّثُ يَقُولُونَ هَذَا نَعَمٌ وَارِدٌ وَالْأَنْعَامُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ ، انْتَهَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13247ابْنُ سِيدَهْ : النَّعَمُ الْإِبِلُ وَالشَّاءُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ جَمْعُهَا أَنْعَامٌ وَأَنَاعِيمُ جَمْعُ الْجَمْعِ ، انْتَهَى . وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ النَّعَمَ اسْمٌ لِلْإِبِلِ وَالشَّاءِ وَسُمِّيَ النَّعَمُ نَعَمًا لِكَثْرَةِ نِعَمِ اللَّهِ فِيهِ عَلَى خَلْقِهِ مِنْ النُّمُوِّ وَعُمُومِ الِانْتِفَاعِ مَعَ كَوْنِهَا مَأْكُولَةً ، وَلِذَلِكَ وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ ، وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ : وَالنَّعَمُ وَالنَّعْمَةُ وَالنَّعِيمُ وَالنَّعْمَاءُ مَأْخُوذٌ مِنْ لَفْظِ " نَعَمْ " ; لِأَنَّ الْجَوَابَ بِهَا يَسُرُّ غَالِبًا فَاشْتُقَّ مِنْهَا أَلْفَاظُ هَذِهِ الْأُمُورِ لِكَوْنِهَا سَارَةَ ، وَلَفْظُ الْغَنَمِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَالْبَقَرِ مِنْ الْبَقْرِ الَّذِي هُوَ الشَّقُّ ; لِأَنَّهَا تَبْقُرُ الْأَرْضَ أَيْ تَشُقُّهَا ، وَالْجِمَالُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْجَمَالِ ; لِأَنَّ
الْعَرَبَ تَتَجَمَّلُ بِهَا ، انْتَهَى . وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
ص ( بِمِلْكٍ وَحَوْلٍ كَمُلَا )
ش : أَيْ بِشَرْطِ مِلْكٍ وَحَوْلٍ كَامِلَيْنِ وَاحْتُرِزَ بِالْمِلْكِ الْكَامِلِ مَنْ مِلْكِ الْعَبْدِ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ وَعَدَمُ كَمَالِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ التَّصَرُّفَ التَّامَّ لَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعَهُ لِعَدَمِ شُمُولِ الْعِلَّةِ لِلْمُكَاتَبِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ مِمَّنْ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) وَالْمُرَادُ بِالْمِلْكِ أَنْ يَمْلِكَ عَيْنَ الْمَاشِيَةِ وَيَمُرَّ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فِي مِلْكِهِ ، فَأَمَّا مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2662_2685_25617مَلَكَ مَاشِيَةً فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ : فَمَنْ وَجَبَتْ لَهُ دِيَةٌ مِنْ الْإِبِلِ فَقَبَضَهَا بَعْدَ أَعْوَامٍ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا قَالَ فِي الطِّرَازِ : هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الدِّيَةَ وَجَبَتْ دَيْنًا مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ ، وَالْحَوْلُ إنَّمَا يُرَاعَى فِي عَيْنِ الْمَاشِيَةِ عَلَى مِلْكِ مَنْ يُزَكِّي عَلَيْهِ فَإِذَا قَبَضَهَا تَعَيَّنَتْ فِي مِلْكِهِ ، وَلِأَنَّهُ إذَا مَرَّ السَّاعِي بِأَهْلِ الدِّيَةِ زَكَّى مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَاشِيَةِ ; لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يُسْقِطُ زَكَاتَهَا .
( فَرْعٌ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابْنُ وَهْبٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=2685الْجَزَّارِ يَشْتَرِي الْغَنَمَ لِيَذْبَحَهَا فَيَحُولُ حَوْلُهَا عِنْدَهُ : إنَّهُ يُزَكِّيهَا ، انْتَهَى . مِنْ
الْبِسَاطِيِّ .
( تَنْبِيهٌ ) الْحَوْلُ الْكَامِلُ لَا كَلَامَ إنَّهُ شَرْطٌ ، وَأَمَّا مِلْكُ النِّصَابِ فَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ سَبَبٌ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ
الْقَرَافِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ شَرْطٌ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا ، وَكَلَامُ
الْمُصَنِّفِ هُنَا مُحْتَمِلٌ لَهُمَا إلَّا أَنَّ ذِكْرَهُ مَعَ الْحَوْلِ يَقْتَضِي الثَّانِيَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ