الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا شروع في بيان بعض آخر مما أخذوا به من فنون العذاب التي هي في أنفسها آيات بينات، وعدم ارعوائهم عما هم عليه من الكفر والعناد، أي: قالوا بعد ما رأوا ما رأوا من العصا والسنين ونقص الثمرات. مهما تأتنا به كلمة مهما مما اختلف فيها فقيل هي كلمة برأسها موضوعة لزيادة التعميم. وقيل: هي مركبة من مه اسم فعل للكف، إما باق على معناه أو مجرد عنه وما الشرطية. وقال الخليل: أصلها ما ما على أن الأولى شرطية، والثانية إبهامية متصلة بها لزيادة التعميم فقلبت ألف ما الأولى هاء فرارا من بشاعة التكرار، وأسلم الأقوال كما قال غير واحد القول بالبساطة. وفي حاشية التسهيل لابن هشام ينبغي لمن قال بالبساطة أن يكتب مهما بالياء، ولمن قال: أصلها ما ما أن يكتبها بالألف، وفي الشرح: وكذا إذا قيل أصلها مه ما. وتعقب ذلك الشمني بأن القائلين بالأصلين المذكورين متفقون على أن مهما أصل آخر، فما ينبغي في كتب آخرها على القول الأول ينبغي على القول الثاني، وفيه نظر.

                                                                                                                                                                                                                                      وهي اسم شرط لا حرف على الصحيح، ومحلها الرفع هنا على الابتداء وخبرها إما الشرط أو الجزاء أو هما على الخلاف أو النصب على أنها مفعول به لفعل يفسره ما بعد أي، أي شيء تحضره لدينا تأتنا به، ومن الناس من جوز مجيئها في محل نصب على الظرفية، وشدد الزمخشري الإنكار عليه في الكشاف، وذكر ابن المنير أنه غر القائل بظرفيتها كلام الخليل أو شبهها بمتى ما، وخالف ابن مالك في ذلك وقال: إنه مسموع عن العرب كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      وإنك مهما تعط بطنك سؤله وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا

                                                                                                                                                                                                                                      ويوافقه كما قال الشهاب استعمال المنطقيين لها بمعنى كلما وجعلها سور الكلية فإنها تفيد العموم كما صرحوا به وليس من مخترعاتهم كما توهم، وأنت تعلم أن كونها هنا ظرفا مما لا ينبغي الإقدام عليه بوجه لإباء قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      من آية عنه لأنه بيان لمهما وليس بزمان، وتسميتهم إياها آية من باب المجاراة لموسى عليه السلام والاستهزاء بها مع الإشعار بأن هذا العنوان لا يؤثر فيهم وإلا فهم ينكرون كونها آية في نفس الأمر ويزعمون أنها سحر كما ينبئ قولهم: لتسحرنا بها والضميران المجروران راجعان إلى مهما، وتذكير الأول لرعاية جانب اللفظ لإبهامه، وتأنيث الثاني للمحافظة على جانب المعنى؛ لأنه إنما رجع إليه بعد ما بين بآية، وادعى ابن هشام أن الأولى عود الضمير الثاني إلى آية، ولعله راعى القرب، والذاهب إلى الأول راعى أن (آية) مسوقة للبيان فالأولى رجوع الضمير على المفسر المقصود بالذات، وإن كان المآل واحدا؛ أي: لتسحر بتلك الآية أعيننا وتشبه علينا: فما نحن لك بمؤمنين أي: بمصدقين لك ومؤمنين بنبوتك أصلا،

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية