الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          باب السكت على الساكن قبل الهمز وغيره

                                                          تقدم الكلام على السكت أول الكتاب عند الكلام على الوقف ، والكلام هنا على ما يسكت عليه . فاعلم أنه لا يجوز السكت إلا على ساكن ، إلا أنه لا يجوز السكت على كل ساكن ، فينبغي أن تعلم أقسام الساكن ليعرف ما يجوز عليه السكت مما لا يجوز ، فالساكن الذي يجوز السكت عليه إما أن يكون بعده همزة فيسكت عليه لبيان الهمزة وتحقيقه ، أو لا يكون بعده همزة ، وإنما يسكت عليه لمعنى غير ذلك .

                                                          ( فالساكن ) الذي يسكت عليه لبيان الهمز خوفا من خفائه ، إما أن يكون منفصلا فيكون آخر كلمة والهمز أول كلمة أخرى ، أو يكون متصلا فيكون هو والهمز في كلمة واحدة ، وكل منهما إما أن يكون حرف مد ، أو غير حرف مد ( فمثال المنفصل ) بغير حرف المد : ( من آمن ، خلوا إلى ، ابني آدم ، [ ص: 420 ]

                                                          جديد افترى ، عليهم أأنذرتهم أم لم ، فحدث ألم نشرح ، حامية ألهاكم ) ومن ذلك نحو ( الارض ، و الاخرة ، و الايمان ، والاولى ) وما كان بلام المعرفة وإن اتصل خطا على الأصح ( ومثاله ) بحرف المد ( بما أنزل ، قالوا آمنا ، في آذانهم ) ونحو ( ياأيها ، ياأولي ، وهؤلاء ) مما كان مع حرف النداء والتنبيه وإن اتصل في الرسم أيضا ( ومثال المتصل ) بغير حرف مد ( القرآن ، و الظمآن ، و شيء ، و شيئا ، و مسئولا ، و بين المرء ، و الخبء ، و دفء ) ( ومثاله ) بحرف المد ( أولئك ، و إسرائيل ، والسماء بناء ، وجاءوا ، و يضيء ، و قروء ، و هنيئا ، و مريئا ، و من سوء ) فورد السكت على ذلك عن جماعة من أئمة القراء ، وجاء من هذه الطرق عن حمزة ، وابن ذكوان ، وحفص ، ورويس ، وإدريس . فأما حمزة فهو أكثر القراء به عناية ، واختلفت الطرق فيه عنه وعن أصحابه اختلافا كثيرا . فروى جماعة من أهل الأداء السكت عنه ، ومن روايتي خلف وخلاد في لام التعريف حيث أتت و ( شيء ) كيف وقعت ، أي : مرفوعا أو مجرورا أو منصوبا . وهذا مذهب صاحب " الكافي " ، وأبي الحسن طاهر بن غلبون من طريق الداني ، ومذهب أبي عبد المنعم ، وأبي علي الحسن بن بليمة ، وأحد المذهبين في " التيسير " و " الشاطبية " ، وبه ذكر الداني أنه قرأ على أبي الحسن بن غلبون ، إلا أن روايتيه في " التذكرة " ، وإرشاد أبي الطيب عبد المنعم ، وتلخيص ابن بليمة - هو المد في شيء مع السكت على لام التعريف حسب لا غير ، والله أعلم .

                                                          وقال الداني في " جامع البيان " : وقرأت على أبي الحسن ، عن قراءته في روايتيه بالسكت على لام المعرفة خاصة لكثرة دورها ، وكذلك ذكر ابن مجاهد في كتابه ، عن حمزة ، ولم يذكر عنه خلافا . انتهى . وهذا الذي ذكره في " جامع البيان " عن شيخه ابن غلبون يخالف ما نص عليه في " التيسير " ، فإنه نص فيه - أي السكت - على لام التعريف ، وبه قرأ على أبي الحسن بالسكت على لام التعريف ، و ( شيء و شيئا ) حيث وقعا لا غير ، وقال في " الجامع " : إنه قرأ عليه بالسكت على لام التعريف خاصة ، فإما أن يكون سقط ذكر شيء من الكتاب فيوافق " التيسير " ، أو يكون مع [ ص: 421 ] المد على شيء فيوافق " التذكرة " ، والله أعلم .

                                                          وروى بعضهم هذا المذهب عن حمزة من رواية خلف فقط ، وهو طريق أبي محمد مكي وشيخه أبي الطيب بن غلبون ، إلا أنه ذكر أيضا مد ( شيء ) أيضا كما تقدم . وروى آخرون عن حمزة من روايتيه مع السكت على لام التعريف و ( شيء ) السكت على الساكن المنفصل مطلقا غير حرف المد . وهذا مذهب أبي الطاهر إسماعيل بن خلف صاحب " العنوان " ، وشيخه عبد الجبار الطرسوسي ، وهو المنصوص عليه في " جامع البيان " ، وهو الذي ذكره ابن الفحام في تجريده من قراءته على الفارسي في الروايتين ، وأحد الطريقين في " الكامل " ، إلا أن صاحب " العنوان " ذكر مد ( شيء ) كما قدمنا . وروى بعضهم هذا المذهب ، عن حمزة من رواية خلف حسب . وهذا مذهب أبي الفتح فارس بن أحمد ، وطريق أبي عبد الله بن شريح صاحب " الكافي " ، وهو الذي في " الشاطبية " و " التيسير " من طريق أبي الفتح المذكور في " التجريد " ، من قراءته على عبد الباقي ، عن أبيه ، عن عبد الباقي الخراساني وأبي أحمد ، إلا أن صاحب " الكافي " حكى المد في ( شيء ) في أحد الوجهين وذكر عن خلاد السكت فيه وفي لام التعريف فقط كما تقدم ، وروى آخرون عن حمزة من الروايتين السكت مطلقا ، أي : على المنفصل والمتصل جمعا ما لم يكن حرف مد . وهذا مذهب أبي طاهر بن سوار صاحب " المستنير " ، وأبي بكر بن مهران صاحب " الغاية " ، وأبي علي البغدادي صاحب " الروضة " ، وأبي العز القلانسي ، وأبي محمد سبط الخياط ، وجمهور العراقيين ، وقال أبو العلاء الحافظ : إنه اختيارهم ، وهو مذكور أيضا في " الكامل " ، ورواه أبو بكر النقاش ، عن إدريس ، عن خلف ، عن حمزة . وروى آخرون السكت عن حمزة من الروايتين على حرف المد أيضا ، وهم في ذلك على الخلاف في المنفصل والمتصل كما ذكرنا ، فمنهم من خص بذلك المنفصل وسوى بين حرف المد وغيره مع السكت على لام التعريف و ( شيء ) . وهذا مذهب الحافظ أبي العلاء الهمداني صاحب " غاية الاختصار " وغيره ، وذكره صاحب " التجريد " من قراءته على [ ص: 422 ] عبد الباقي في رواية خلاد ، ومنهم من أطلق ذلك في المتصل والمنفصل ، وهو مذهب أبي بكر الشذائي ، وبه قرأ سبط الخياط على الشريف أبي الفضل ، عن الكارزيني ، عنه ، وهو في " الكامل " أيضا .

                                                          وذهب جماعة إلى ترك السكت عن خلاد مطلقا ، وهو مذهب أبي الفتح فارس بن أحمد ، وأبي محمد مكي ، وشيخه أبي الطيب ، وأبي عبد الله بن شريح ، وذكره صاحب " التيسير " من قراءته على أبي الفتح فارس بن أحمد ، وتبعه على ذلك الشاطبي وغيره ، وهو أحد طرق " الكامل " ، وهي طريق أبي علي العطار ، عن أصحابه عن البختري ، عن جعفر الوزان ، عن خلاد ، كما سنذكره في آخر باب الوقف لحمزة ، وذهب آخرون إلى عدم السكت مطلقا عن حمزة من روايتيه ، وهو مذهب أبي العباس المهدوي صاحب " الهداية " ، وشيخه أبي عبد الله بن سفيان صاحب " الهادي " ، وهو الذي لم يذكر أبو بكر بن مهران غيره في غايته سواه . فهذا الذي علمته ورد عن حمزة في ذلك من الطرق المذكورة ، وبكل ذلك قرأت من طريق من ذكرت ، واختياري عنه السكت في غير حرف المد جمعا بين النص والأداء والقياس ، فقد روينا عن خلف وخلاد وغيرهما ، عن سليم ، عن حمزة ، قال : إذا مددت الحرف فالمد يجزي من السكت قبل الهمزة ، قال : وكان إذا مد ، ثم أتى بالهمز بعد المد لا يقف قبل الهمز . انتهى . قال الحافظ أبو عمرو الداني ، وهذا الذي قاله حمزة من أن المد يجزي من السكت معنى حسن لطيف دال على وفور معرفته ونفاذ بصيرته ، وذلك أن زيادة التمكين لحرف المد مع الهمزة إنما هو بيان لها ؛ لخفائها وبعد مخرجها ، فيقوى به على النطق بها محققة ، وكذا السكوت على الساكن قبلها إنما هو بيان لها أيضا . فإذا بينت بزيادة التمكين لحرف المد قبلها لم تحتج أن تبين بالسكت عليه ، وكفى المد من ذلك وأغنى عنه .

                                                          ( قلت ) : وهذا ظاهر واضح وعليه العمل اليوم ، والله أعلم .

                                                          وأما ابن ذكوان فروى عنه السكت وعدمه صاحب " المبهج " من جميع طرقه على ما كان من كلمة وكلمتين ما لم يكن حرف مد ، فقال : قرأت لابن ذكوان [ ص: 423 ] بالوقف وبالإدراج على شيخنا الشريف ، ولم أره منصوصا في الخلاف بين أصحاب ابن عامر . وكذلك روى عنه السكت صاحب " الإرشاد " ، والحافظ أبو العلاء ، كلاهما من طريق العلوي ، عن النقاش ، عن الأخفش ، إلا أن الحافظ أبا العلاء خصه بالمنفصل ولام التعريف و ( شيء ) وجعله دون سكت حمزة ، فخالف أبا العز في ذلك مع أنه لم يقرأ بهذا الطريق إلا عليه ، والله أعلم .

                                                          وكذلك رواه الهذلي من طريق الجنبي عن ابن الأخرم عن الأخفش ، وخصه بالكلمتين والسكت من هذه الطرق كلها مع التوسط إلا من " الإرشاد " ، فإنه مع المد الطويل فاعلم ذلك ، والجمهور عن ابن ذكوان من سائر الطرق على عدم السكت ، وهو المشهور عنه وعليه العمل ، والله أعلم .

                                                          وأما حفص فاختلف أصحاب الأشناني في السكت ، عن عبيد بن الصباح عنه ، فروى عنه أبو طاهر بن أبي هاشم السكت ، واختلف فيه عنه أصحابه ، فروى أبو علي المالكي البغدادي صاحب " الروضة " ، عن الحمامي عنه السكت على ما كان من كلمة أو كلمتين غير المد ، ولم يذكر خلافا عن الأشناني في ذلك . وروى أبو القاسم بن الفحام صاحب " التجريد " ، عن الفارسي ، عن الحمامي ، عنه السكت على ما كان من كلمتين ولام التعريف و ( شيء ) لا غير . وروى عن عبد الباقي ، عن أبيه ، عن أبي أحمد السامري ، عن الأشناني السكت على ذلك ، وعلى الممدود يعني المنفصل ، فانفرد بالممدود عنه ، وليس من طريق الكتاب ، والله أعلم .

                                                          وقال الداني في جامعه : وقرأت أيضا على أبي الفتح ، عن قراءته على عبد الله بن الحسين ، عن الأشناني بغير سكت في جميع القرآن ، وكذلك قرأت على أبي الحسن ، عن قراءته على الهاشمي ، عن الأشناني ، قال : وبالسكت آخذ في روايتيه ; لأن أبا الطاهر بن أبي هاشم رواه عنه تلاوة ، وهو من الإتقان والضبط والصدق ووفور المعرفة والحذق بموضع لا يجهله أحد من علماء هذه الصناعة ، فمن خالفه عن الأشناني فليس بحجة عليه .

                                                          ( قلت ) : والأمر كما قال الداني في أبي طاهر ، إلا أن أكثر أصحابه لم يرووا عنه السكت تلاوة أيضا كالنهرواني ، [ ص: 424 ] وابن العلاف ، والمصاحفي ، وغيرهم ، وهم أيضا من الإتقان والضبط والحذق والصدق بمحل لا يجهل ، ولم يصح عندنا تلاوة عنه إلا من طريق الحمامي ، مع أن أكثر أصحاب الحمامي لم يرووه عنه مثل أبي الفضل الرازي ، وأبي الفتح بن شيطا ، وأبي علي غلام الهراس ، وهم من أضبط أصحابه وأحذقهم . فظهر ووضح أن الإدراج - وهو عدم السكت - عن الأشناني أشهر وأكثر وعليه الجمهور ، والله أعلم .

                                                          وبكل من السكت والإدراج قرأت من طريقه والله تعالى الموفق ، وأما إدريس عن خلف فاختلف عنه ، فروى الشطي وابن بويان السكت عنه في المنفصل وما كان في حكمه و ( شيء ) خصوصا ، نص عليه في " الكفاية في القراءات الست " ، و " غاية الاختصار " ، و " الكامل " ، وانفرد به عن خلف من جميع طرقه . وروى عنه المطوعي السكت على ما كان من كلمة وكلمتين عموما ، نص عليه في " المبهج " ، وانفرد الهمداني عن الشطي فيما لم يكن الساكن واوا ولا ياء ، يعني مثل ( خلوا إلى ، و ابني آدم ) ولا أعلم أحدا استثناه عن أحد من الساكنين سواه ولا عمل عليه ، والله أعلم . وكلهم عنه بغير سكت في الممدود ، والله أعلم .

                                                          أما رويس فانفرد عنه أبو العز القلانسي من طريق القاضي أبي العلاء القاضي ، عن النخاس ، عن التمار ، عنه بالسكت اللطيف دون سكت حمزة ومن وافقه ، وذلك على ما كان من كلمة وكلمتين في غير الممدود حسبما نص عليه في " الكفاية " ، وظاهر عبارته في " الإرشاد " السكت على الممدود المنفصل ، ولما قرأت على الأستاذ أبي المعالي بن اللبان أوقفته على كلام " الإرشاد " فقال : هذا شيء لم نقرأ به ولا يجوز . ثم رأيت نصوص الواسطيين أصحاب أبي العز وأصحابهم على ما نص في " الكفاية " ، وأخبرني به ابن اللبان وغيره تلاوة ، وهو الصحيح الذي لا يجوز خلافه ، والله أعلم .

                                                          وأما الذي يسكت عليه لغير قصد تحقيق الهمز فأصل مطرد وأربع كلمات ، فالأصل المطرد حروف الهجاء الواردة في فواتح السور نحو ( الم ، الر ، كهيعص ، طه ، طسم ، طس ، ص ، ن ) فقرأ أبو جعفر بالسكت على كل حرف منها ، ويلزم [ ص: 425 ] من سكته إظهار المدغم منها والمخفي وقطع همزة الوصل بعدها ليبين بهذا السكت أن الحروف كلها ليست للمعاني كالأدوات للأسماء والأفعال ، بل هي مفصولة ، وإن اتصل رسما وليست بمؤتلفة ، وفي كل واحد منها سر من أسرار الله تعالى الذي استأثر الله تعالى بعلمه ، وأوردت مفردة من غير عامل ولا عطف ، فسكنت كأسماء الأعداد إذا وردت من غير عامل ولا عطف ، فنقول : واحد اثنين ثلاثة أربعة . . . هكذا ، وانفرد الهذلي عن ابن جماز بوصل همزة ( الله لا إله إلا هو ) في أول آل عمران تتميم ( الم ) كالجماعة ، وانفرد ابن مهران بعدم ذكر السكت لأبي جعفر في الحروف كلها ، وذكر أبو الفضل الرازي عدم السكت في السين من ( طس تلك ) والصحيح السكت عن أبي جعفر على الحروف كلها من غير استثناء لشيء منها ؛ وفاقا لإجماع الثقاة الناقلين ذلك عنه نصا وأداء ، وبه قرأت وبه آخذ ، والله أعلم .

                                                          وأما الكلمات الأربع فهي ( عوجا ) أول الكهف و ( مرقدنا ) في يس ، و ( من راق ) في القيامة ، و ( بل ران ) في التطفيف ، فاختلف عن حفص في السكت عليها والإدراج ، فروى جمهور المغاربة وبعض العراقيين عنه من طريقي عبيد وعمرو السكت على الألف المبدلة من التنوين في ( عوجا ) ثم يقول ( قيما ) وكذلك على الألف من ( مرقدنا ) ثم يقول ( هذا ما وعد الرحمن ) وكذلك على النون من ( من ) ثم يقول ( راق ) وكذلك على اللام من ( بل ) ثم يقول ( ران على قلوبهم ) وهذا الذي في " الشاطبية " ، و " التيسير " ، و " الهادي " ، و " الهداية " ، و " الكافي " ، و " التبصرة " ، و " التلخيص " و " التذكرة " وغيرها . وروى الإدراج في الأربعة كالباقين أبو القاسم الهذلي ، وأبو بكر بن مهران ، وغير واحد من العراقيين ، فلم يفرقوا في ذلك بين حفص وغيره ، وروى عنه كلا من الوجهين أبو القاسم بن الفحام في تجريده ، فروى السكت في ( عوجا و مرقدنا ) عن عمرو بن الصباح ، عنه . وروى الإدراج كالجماعة ، عن عبيد بن الصباح عنه . وروى السكت في ( من راق و بل ران ) من قراءته على الفارسي ، عن عمرو ، ومن قراءته على عبد الباقي ، عن عبيد فقط ، [ ص: 426 ] وروى الإدراج كالجماعة من قراءته على ابن نفيس من طريق عبيد والمالكي من طريقي عمرو وعبيد جميعا ، والله أعلم .

                                                          واتفق صاحب " المستنير " ، و " المبهج " ، و " الإرشاد " على الإدراج في ( عوجا و مرقدنا ) كالجماعة ، وعلى السكت في القيامة فقط ، وعلى الإظهار من غير سكت في التطفيف ، والمراد بالإظهار السكت . فإن صاحب " الإرشاد " صرح بذلك في كفايته ، وصاحب " المبهج " نص عليه في " الكفاية " له ولم يذكر سواه ، وروى الحافظ أبو العلاء في غايته السكت في " عوجا " فقط ، ولم يذكر في الثلاثة الباقية شيئا . بل ذكر الإظهار في ( من راق ، و بل ران ) .

                                                          ( قلت ) : فثبت في الأربعة الخلاف ، عن حفص من طريقيه ، وصح الوجهان من السكت والإدراج عنه ، وبهما عنه آخذ .

                                                          ( ووجه ) السكت في عوجا قصد بيان أن قيما بعده ليس متصلا بما قبله في الإعراب . فيكون منصوبا بفعل مضمر تقديره ( أنزله قيما ) فيكون حالا من الهاء في أنزله وفي ( مرقدنا ) بيان أن كلام الكفار قد انقضى ، وأن قوله : ( هذا ما وعد الرحمن ) ليس من كلامهم ، فهو إما من كلام الملائكة ، أو من كلام المؤمنين كما أشرنا إليه في الوقف والابتداء وفي ( من راق ، و بل ران ) قصد بيان اللفظ ليظهر أنهما كلمتان مع صحة الرواية في ذلك ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية