nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين
أحسب أن موقع هذه الآية موقع الاحتراس من ظن أن النهي عن انتهاك الأشهر الحرم يقتضي النهي عن قتال المشركين فيها إذا بدءوا بقتال المسلمين ، وبهذا يؤذن التشبيه التعليلي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36كما يقاتلونكم كافة فيكون المعنى فلا تنتهكوا حرمة الأشهر الحرم بالمعاصي ، أو باعتدائكم على أعدائكم ، فإن هم بادئوكم بالقتال فقاتلوهم على نحو قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم فمقصود الكلام هو
nindex.php?page=treesubj&link=8195الأمر بقتال المشركين الذين يقاتلون المسلمين في الأشهر الحرم ، وتعليله بأنهم يستحلون تلك الأشهر في قتالهم المسلمين .
و ( كافة ) كلمة تدل على العموم والشمول بمنزلة كل لا يختلف لفظها باختلاف المؤكد من إفراد وتثنية وجمع ، ولا من تذكير وتأنيث ، وكأنه مشتق من الكف عن استثناء بعض الأفراد ، ومحلها نصب على الحال من المؤكد بها ، فهي في الأول تأكيد لقوله : المشركين وفي الثاني تأكيد لضمير المخاطبين ، والمقصود من تعميم الذوات تعميم الأحوال لأنه تبع لعموم الذوات ، أي كل فرق المشركين ، فكل فريق وجد في حالة ما ، وكان قد بادأ المسلمين بالقتال ، فالمسلمون مأمورون
[ ص: 188 ] بقتاله ، فمن ذلك : كل فريق يكون كذلك في الأشهر الحرم ، وكل فريق يكون كذلك في الحرم .
والكاف في
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36كما يقاتلونكم أصلها كاف التشبيه استعيرت للتعليل بتشبيه الشيء المعلول بعلته ; لأنه يقع على مثالها ومنه قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198واذكروه كما هداكم
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36واعلموا أن الله مع المتقين تأييد وضمان بالنصر عند قتالهم المشركين ; لأن المعية هنا معية تأييد على العمل ، وليست معية علم ، إذ لا تختص معية العلم بالمتقين .
وابتدئت الجملة بـ اعلموا للاهتمام بمضمونها كما تقدم في قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41واعلموا أنما غنمتم من شيء الآية ، بحيث يجب أن يعلموه ويعوه .
والجملة بمنزلة التذييل لما قبلها من أجل ما فيها من العموم في المتقين ، دون أن يقال واعلموا أن الله معكم ليحصل من ذكر الاسم الظاهر معنى العموم ، فيفيد أن المتصفين بالحال المحكية في الكلام السابق معدودون من جملة المتقين ، لئلا يكون ذكر جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36واعلموا أن الله مع المتقين غريبا عن السياق ، فيحصل من ذلك كلام مستقل يجري مجرى المثل وإيجاز يفيد أنهم حينئذ من المتقين ، وأن الله يؤيدهم لتقواهم ، وأن القتال في الأشهر الحرم في تلك الحالة طاعة لله وتقوى ، وأن المشركين حينئذ هم المعتدون على حرمة الأشهر ، وهم الحاملون على المقابلة بالمثل للدفاع عن النفس .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ
أَحْسَبُ أَنَّ مَوْقِعَ هَذِهِ الْآيَةِ مَوْقِعُ الِاحْتِرَاسِ مِنْ ظَنِّ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ انْتِهَاكِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ فِيهَا إِذَا بَدَءُوا بِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ ، وَبِهَذَا يُؤْذَنُ التَّشْبِيهُ التَّعْلِيلِيُّ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً فَيَكُونُ الْمَعْنَى فَلَا تَنْتَهِكُوا حُرْمَةَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ بِالْمَعَاصِي ، أَوْ بِاعْتِدَائِكُمْ عَلَى أَعْدَائِكُمْ ، فَإِنْ هُمْ بَادَئُوكُمْ بِالْقِتَالِ فَقَاتِلُوهُمْ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَمَقْصُودُ الْكَلَامِ هُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=8195الْأَمْرُ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، وَتَعْلِيلُهُ بِأَنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ تِلْكَ الْأَشْهُرَ فِي قِتَالِهِمُ الْمُسْلِمِينَ .
وَ ( كَافَّةً ) كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ وَالشُّمُولِ بِمَنْزِلَةِ كُلٍّ لَا يَخْتَلِفُ لَفْظُهَا بِاخْتِلَافِ الْمُؤَكَّدِ مِنْ إِفْرَادٍ وَتَثْنِيَةٍ وَجَمْعٍ ، وَلَا مِنْ تَذْكِيرٍ وَتَأْنِيثٍ ، وَكَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْكَفِّ عَنِ اسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ ، وَمَحَلُّهَا نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْمُؤَكَّدِ بِهَا ، فَهِيَ فِي الْأَوَّلِ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ : الْمُشْرِكِينَ وَفِي الثَّانِي تَأْكِيدٌ لِضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ تَعْمِيمِ الذَّوَاتِ تَعْمِيمُ الْأَحْوَالِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِعُمُومِ الذَّوَاتِ ، أَيْ كُلُّ فِرَقِ الْمُشْرِكِينَ ، فَكُلُّ فَرِيقٍ وُجِدَ فِي حَالَةٍ مَا ، وَكَانَ قَدْ بَادَأَ الْمُسْلِمِينَ بِالْقِتَالِ ، فَالْمُسْلِمُونَ مَأْمُورُونَ
[ ص: 188 ] بِقِتَالِهِ ، فَمِنْ ذَلِكَ : كُلُّ فَرِيقٍ يَكُونُ كَذَلِكَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، وَكُلُّ فَرِيقٍ يَكُونُ كَذَلِكَ فِي الْحَرَمِ .
وَالْكَافُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ أَصْلُهَا كَافُ التَّشْبِيهِ اسْتُعِيرَتْ لِلتَّعْلِيلِ بِتَشْبِيهِ الشَّيْءِ الْمَعْلُولِ بِعِلَّتِهِ ; لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى مِثَالِهَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=198وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ تَأْيِيدٌ وَضَمَانٌ بِالنَّصْرِ عِنْدَ قِتَالِهِمُ الْمُشْرِكِينَ ; لِأَنَّ الْمَعِيَّةَ هُنَا مَعِيَّةُ تَأْيِيدٍ عَلَى الْعَمَلِ ، وَلَيْسَتْ مَعِيَّةَ عِلْمٍ ، إِذْ لَا تَخْتَصُّ مَعِيَّةُ الْعِلْمِ بِالْمُتَّقِينَ .
وَابْتُدِئَتِ الْجُمْلَةُ بِـ اعْلَمُوا لِلِاهْتِمَامِ بِمَضْمُونِهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ الْآيَةَ ، بِحَيْثُ يَجِبُ أَنْ يَعْلَمُوهُ وَيَعُوهُ .
وَالْجُمْلَةُ بِمَنْزِلَةِ التَّذْيِيلِ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ أَجْلِ مَا فِيهَا مِنَ الْعُمُومِ فِي الْمُتَّقِينَ ، دُونَ أَنْ يُقَالَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَكُمْ لِيَحْصُلَ مِنْ ذِكْرِ الِاسْمِ الظَّاهِرِ مَعْنَى الْعُمُومِ ، فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُتَّصِفِينَ بِالْحَالِ الْمَحْكِيَّةِ فِي الْكَلَامِ السَّابِقِ مَعْدُودُونَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُتَّقِينَ ، لِئَلَّا يَكُونَ ذِكْرُ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=36وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ غَرِيبًا عَنِ السِّيَاقِ ، فَيَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ يَجْرِي مَجْرَى الْمَثَلِ وَإِيجَازٌ يُفِيدُ أَنَّهُمْ حِينَئِذٍ مِنَ الْمُتَّقِينَ ، وَأَنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُهُمْ لِتَقْوَاهُمْ ، وَأَنَّ الْقِتَالَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ طَاعَةٌ لِلَّهِ وَتَقْوَى ، وَأَنَّ الْمُشْرِكِينَ حِينَئِذٍ هُمُ الْمُعْتَدُونَ عَلَى حُرْمَةِ الْأَشْهُرِ ، وَهُمُ الْحَامِلُونَ عَلَى الْمُقَابَلَةِ بِالْمِثْلِ لِلدِّفَاعِ عَنِ النَّفْسِ .