الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الحكم السابع : قسمة ماله . وفي الجواهر : يباع من ماله على نسبة الدين ، فإن اختلفت أجناسها من العين والعروض وطعام السلم قوم لكل واحد قيمة دينه بثمنه يوم الفلس ، ويقسم ماله بينهم على تلك الحصاص ، ويشتري لكل واحد بما صار له سلعته أو ما بلغ منها ، ولا يدفع لأرباب الطعام ثمن الطعام ; لأنه بيع الطعام قبل قبضه ، وكذلك أرباب العروض إلا أن يكون السلم عرضا في عرض ليلا يدخل سلف بزيادة ، أوضع وتعجل .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يتأنى في القسم إن كان معروفا وكذلك الميت ، ويعزل لمن غاب نصيبه ، وضمانه من الغائب . قال ابن يونس : هذا اتفاقا والخلاف إنما هو إذا وقف المال للمفلس ليقضي منه غرماؤه . ولو طرأ غريم لم يعلم بعد ما وقف للأول لضمن له الأول قدر نصيبه من الموقوف وإن علم هلاكه ; لأنه لما كان ضامنا له فكأنه قبضه . وإذا غرم الطارئ بحصته رجع بمثل ذلك على المفلس أو الميت ; لأنه قد استحق منه بخلاف وارث يطرأ على وارث وقد هلك ما بيد الوارث بأمر سماوي وثبت ذلك . قال بعض القرويين : وكان ينبغي أن يكون الغريم الموقوف يضمن أيضا للطارئ شيئا ، ولكن يحط ذلك القدر من الدين الموقوف ، ويرجع بذلك الغريم الطارئ على الميت والمفلس . والفرق بين الوارث والغريم : أن الغريم دينه من معاوضة فما هلك في [ ص: 193 ] يديه فهو منه ، والوارث لم يضمن في ذلك ثمنا وداه ، وكان ضمانه من الميت ، فإذا طرأ وارث لم يرجع عليه بشيء ; لأنه كأنه لم يقبض شيئا . والغريم لما كان هلاكه فهو كما لو وكله فوجب للغريم الرجوع ، ثم يتبعان ذمة المفلس .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا أراد بعضهم إيقاف ما ينوبه لم يأخذ الباقون منه شيئا في بقية دينهم ، إلا أن يربح فيه ، أو يفيد من غيره فيضرب القائمون عليه في الربح بما بقي لهم ، والآخرون بما بقي لهم بعد الذي أبقوا بيده بقدر ما داينوه به ، ثم يتحاصون مع الآخذ أولا في الربح ، والفائدة كما تقدم . ولو كان فيما أبقوا في يده وضيعة وطرأت فائدة من غير الربح ضربوا فيها بالوضيعة ، وبما بقي لهم أولا ، وضرب فيها الآخذ أولا بما بقي له ، وإن كان ما بيده الآن عروضا قومت ، فما فضل فيها من ربح عن قدر ما ألقوا بيده تحاصوا في ذلك الربح أولا بما بقي له ، والآخر بما بقي له بعد الذي أوقف بيده . فإن هلك جميع ما وقف بيده وطرأت فائدة ضرب فيها الآخذ أولا بما بقي له ، وهو لا بجميع دينهم ما أوقفوا بيده وما بقي لهم .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إذا كان لعبده عليه دين لا يقسم له معهم ; لأنه يباع لهم ، إلا أن يكون على العبد دين لأجنبي فيقسم له ، وغرماؤه أحق بما نابه وما في يده ويتبعون ذمته بما بقي لهم ، وتباع رقبته لغرماء السيد . في النكت : قال بعض القرويين : إن وقع له مثل الدين الذي عليه فأقل أخذه ، أو أكثر لم يكن له ذلك . قال أبو محمد : إذا بيع العبد لغرماء سيده دخل في ثمنه غرماء السيد وغرماء العبد ; لأن العبد أحد غرماء السيد . قال ابن يونس : يقال إذا بيع : دين السيد عشرون للعبد على السيد مثلها ، وعليه لأجنبي مثلها ، وليس للسيد إلا العبد ، فيقال : من يشتريه وعليه عشرون وعلى أن ما وقع له في الحصاص مع غريم سيده سقط عند مثله من دينه ، فإن قال رجل : بعشرين . قيل له : يقع له في الحصاص عشرة يقضيها وتبقى عليه عشرة ، فإن [ ص: 194 ] قال آخر : آخذه بثلاثين . قيل : يقع له في الحصاص خمسة عشر يقضيها وتبقى عليه خمسة ، وخالف ابن شبلون . وقال : يباع لغرماء السيد ولا يدخل معهم غرماء العبد ، وقيل : يضرب العبد مع غرماء سيده بجميع دينه ، فإن وقع له مثل الدين الذي عليه فأقل " أخذه " غريمه ، أو أكثر رد الزائد لغرماء سيده .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يقسم للمجني عليه جناية خطأ لا تحملها العاقلة ، وإن كان عن غير معاوضة ، وفي التنبيهات قيل : الجراح التي لا يحاصص فيها كالمأمومة والمنقلة على أحد قولي مالك لا تلحق بالخطأ ، ونحا إليه أبو محمد ، وقال غيره : العمد والخطأ سواء ، وهو مضرور يدفع القصاص عن نفسه كالخلع والنكاح . قال ابن يونس : وفي كتاب الصلح : من أحاط الدين بماله فجنى جناية عمد فصالح عنها بمال للغرماء رده ; لأنه من أموالهم . قال بعض القرويين : لم ينكر في كتاب الصلح إن صولح قبل قيامهم هل لهم الرد أم لا ؟ ولعله إذا وقع فات .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : يقسم للمرتهن زرعا لم يبد صلاحه ، ولم يحل بيعه عند الحصاص ، فإذا حل بيعه بيع وأخذ ثمنه ، إن كان مثل الدين فأكثر ويرد الزيادة مع ما أخذ في الحصاص للغرماء ، وإن كان أقل فهو الذي كان يستحق الحصاص به ويرد الفاضل . قال ابن يونس : وعلى هذا لو تزوجها بمائة ، ثم فلس قبل الدخول فضربت فوقع لها خمسون فطلقها قبل البناء فعلى ما تقدم ، ولو تزوجها بمائة ؛ خمسين نقدا وخمسين مؤجلة وبيده مائة وعليه لرجل خمسون فدفع لها الخمسين النقد ، ثم فلس فضربت بالخمسين الباقية فوقع لها خمسة وعشرون ، ثم طلقها قبل البناء لردت من الخمسين النقد التي كانت قبضتها خمسة وعشرين ونظرت لو ضربت مع الغريم بخمسة وعشرين الباقية لها في مال المفلس ، وفي هذه الخمسة والعشرين التي ردت كم كان ينوبها من ذلك . مثاله : [ ص: 195 ] بيده مائة أعطاها الخمسين النقد وبقيت بيده خمسون ، ففلس فضربت فيها بخمسين والغريم بخمسين ، فوقع لها خمسة وعشرين ، ثم طلقها فردت خمسة وعشرين ، وتستحق أيضا من المهر خمسة وعشرين ، وقد كان يجب أن يضرب بها ، فينظر ما كان يقع لها لو ضربت بخمسة وعشرين والغريم بخمسين ، وذلك خمسة وسبعون فتأخذ في الخمسة والعشرين التي بيدها ويبقى للغريم الخمسون التي بيده ولا ترد شيئا .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : للسيد مبايعة عبده المأذون ، ويضرب بدينه مع غرمائه ، وكذلك بدينه على مكاتبه ، ولا يضرب بالكتابة في موت ولا فلس ؛ لضعفها في أصل المعاوضة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إذا ارتد ولحق بدار الحرب وعليه دين فقاتل وقتل ، وفتحت البلاد فالغريم أحق بماله من الغانمين ; لأنه متعد بخروجه لدار الحرب . قال التونسي : جعل الباقي يخمس ولم يجعله كله في بيت المال كمال المرتدين لأجل القتال عليه من المسلمين ؛ فأشبه الغنائم ، ولو عدا العدو على بيت المال ، ثم غنمنا ما عدا عليه يخمس ; لأنه ليس له مالك معين ، وقيل إذا قدم الحربي إلينا فداين ، ثم مضى لبلده ، ثم غنم ماله - إن دينه لا يكون فيما كان ببلد الحرب بل فيما ببلد الإسلام ; لأنه على ذلك عومل ، ويصير ما بأرض الحرب مملوكا للجيش بقيمته ، فإن فضل عن دينه شيء من هذا المال الذي ببلد الإسلام بعث على ورثته إذا قتل في دار الحرب ; لأنه لم يملك رقبته فيملك ماله ، ولو أسر لكان ماله الذي في بلد الإسلام فيئا للجيش الذي أسروه .

                                                                                                                [ ص: 196 ] فرع

                                                                                                                قال اللخمي : من له مؤجل حاصص بعدده إن كان عينا وإلا بمثله لو كان حالا ، وما صار له في الحصاص اشتري له به مثل صفة دينه ، وإن تغير سوقه بغلاء قبل أن يشترى له لم يرجع على أصحابه بشيء ; لأنه لو ضاع جميعه لم يرجع عليهم ، وإن رخص السعر اشترى الجزء الذي نابه في الحصاص ودخل معه أصحابه في الفاضل كما طرأ للمفلس . وقال عبد الملك : لا يدخلون معه ; لأن من أصله أن المصيبة منه إن هلك قبل الشراء ، وعن ابن القاسم : إذا كان الدين عرضا . وقال صاحبه : لا أتعجله قبل الأجل أجبر على أخذه لما فيه من براءة الذمة . وعن ابن نافع : إن أعطى حميلا إلى الأجل لم يقبل منه وقد حل بالتفليس ، والقياس قبوله لحصول الأمن ، ومن بيده رهن يوفي حقه لا يحل دينه . وقال عبد الملك : يحاص صاحب الرهن بجميع حقه إلا أن يتابع الرهن ؛ يريد إذا لم يجز بيع الرهن ، ومتى كان لا يجوز بيعه كالثمر والزرع قبل بدو الصلاح ضرب المرتهن بدينه ، فإذا بيع وفيه وفاء رد ما أخذ ، فإن كان دينه مائة وبيع بخمسين ، والذي أخذ في الحصاص خمسون فالباقي من دينه بعد ثمن الرهن خمسون فيمسك من الذي أخذ في المحاصة خمسة وعشرين ; لأنها التي كانت تنوبه لو بيع الزرع له ويرد خمسة وعشرين فيضرب فيها بخمسة وعشرين ; لأنها الباقي من دينه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إذا لم يقبل إقرار المفلس ، ثم داين آخر لم يدخل الأول ; لأنه رضي بالتفليس ، وحقه على زعمه فيما أخذه أصحابه ، فإن صح إقراره ولم يرض بالتفليس ولم يدخل في المحاصة . قال محمد : يكون ذلك له ، وقال ابن القاسم : لا يدخل مع الآخر لأنها أموال الآخرين .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إن أبقى أحد الأولين نصيبه في يد المفلس ، قال ابن القاسم : يضرب مع [ ص: 197 ] الآخرين بقدر ما أبقى كمداينة حادثة . وفي كتاب ابن حبيب : بقدر أصل دينه ، وهو أحسن إذا لم يكن أراد فلسه ، وإنما قام به ليلا ينتفع به أصحابه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : إذا قسم مال المفلس ، ثم وجد في يده مال من معاملة . وقال الأولون فيه فضل نأخذه ، كشف السلطان ، فإن تحقق الفضل أقر في يده ما يوفي الآخرين ، وقضى الفضل الأولين ، وإن كان من فائدة ولم يعامل بعد الفلس أخذه الأولون ، وإن عامل اقتسم الفائدة الأولون والآخرون يقدر الباقي لهم ، وإن كان قائم الوجه لم يفلس فالأولون أحق بالفائدة ; لأن محمله في المعاملة الثانية على الوفاء ، وإن قضى الفائدة الآخرين فللأولين أخذ مثل ما قضى مما في يده من المعاملة الثانية ، وإن تبين فلسه في المال الباقي تساوى الأولون والآخرون في الفائدة إن قاموا ، فإن لم يقوموا حتى قضى أحد الفريقين أو بعضهم مضى على أحد قولي مالك في قضاء من تبين فلسه ; لأن الحجر الأول : قد ذهب وبقيت اليد في البيع والشراء والاقتضاء . وقال عبد الملك : إذا داين آخرين ، ثم أفاد مالا فالأولون أولى به ما لم يقع فلس ثان وهو في يديه ; لأن محمله في المداينة الثانية على الوفاء . قال ( ش ) : إذا فك حجره ، ثم داين آخرين فحجر عليه سوي بين الفريقين ، وخالفه ابن حنبل ، وخصص الآخرين لأنه عين مالهم .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال قال ابن القاسم : تضرب الزوجة بما أنفقت على نفسها . قال سحنون : في الدين المستحدث ولا تحاص إذا كان الدين قبل الإنفاق لضعف المعاوضة في النفقة ; لأن المرأة مخيرة بين طلب الطلاق وبينها ، والديون عينتها أسبابها . وفي الموازية : تضرب في الفلس دون الموت ; لإمكان استدراك بقية الدين في الفلس لبقاء إمكان الاكتساب ، وقيل : لا تضرب فيهما لضعف سببها ، وعن ابن القاسم : تضرب بصداقها في الحياة فقط .

                                                                                                                [ ص: 198 ] وعن ابن القاسم : لا يضرب بنفقة الأبوين ، ولا بنفقة الولد في فلس ، ولا موت لسقوط نفقة القرابة بالإعسار ، وعن أشهب : يضرب للولد مع الغرماء . وقاله أصبغ في نفقة الأبوين إلا أن يكون جرت بحكم وتسافت ( كذا ) وهو مليء فيضرب بها فيهما ، ويختلف على هذا هل يحاص بالجنايات ؟ وفي المدونة : يحاص بها ، ويحاص بدية الخطأ إذا فلس أحد العاقلة على القولين .

                                                                                                                قال صاحب المقدمات : متى كان الدين في الذمة عن عوض قبض ، كان يتمول أم لا ، ( و ) حوصص به كأثمان السلع المقبوضة وأروش الجنايات ونفقات الزوجات للمدة الماضية ، ومهور الزوجات المدخول بهن وما خولعت عليه من شيء موصوف في الذمة ، وعن المقبوض الذي لا يمكنه دفع العوض عنه ، ودفع ما يستوفى منه ككراء دار بالنقد ، أو يكون العرف النقد ففلس قبل قبض الدار أو سكن بعض السكنى حاصص عند ابن القاسم في المدونة بكراء ما بقي من السكنى إذا شاء أن يسلمه ، وقياسه إن فلس قبل السكن فللمكري إسلامها ويحاص الغرماء بجميع الكراء ، وهذا إنما يصح عند أشهب : أن قبض أوائل الكراء قبض الجميع ، فيجيز أخذ الدار المكتراة من الدين ، وقياس أصل ابن القاسم يحاص بما مضى ويأخذ داره ، ولو لم يشترط النقد ولا كان عرفا لوجب على المذهب المتقدم إذا حاص أن يوقف ما وجب له في المحاصة ، وكلما سكن شيئا أخذ بقدره .

                                                                                                                أما ما يمكنه دفع العوض ، ويلزمه كرأس مال السلم إذا فلس المسلم إليه ففي الموازية : يدفعه ويحاص الغرماء ، ولا يكون أحق به إذ ليس برهن ، وفيه نظر ; لأن بالتفليس حل السلم ، فللمسلم إليه إمساك رأس المال ، وقياس أصل ابن القاسم ألا يلزمه أن يدفعه ويحاص الغرماء ، ولو كان رأس مال السلم عرضا لكان له أن يمسكه على القولين .

                                                                                                                أما ما يمكنه دفع العوض ولا يلزمه كالسلعة إذا باعها ففلس المبتاع قبل تسليمها ; خير بين إمساك السلعة أو يسلمها ويحاص الغرماء بثمنها اتفاقا .

                                                                                                                [ ص: 199 ] وأما ما لا يكون له تعجيل العوض كسلم دنانير في عرض فيفلس قبل دفع رأس المال وقبل حلول الأجل ، فإن رضي المسلم إليه تعجيل العرض والمحاصة جاز إن رضي الغرماء ، وإن امتنع أحدهم حاص برأس المال فيما وجب للغريم من مال ، وفي العروض التي عليه إذا حلت ، فإن شاءوا أن يبيعوها بالنقد ويتحاصوا فيها الآن جاز ، فإن فلس المسلم قبل حلول السلم فهو برأس المال أسوة الغرماء بما عليه من السلم ، وليس له إمساكه ، ويكون أحق به على مذهب ابن القاسم ، وله ذلك على مذهب أشهب الذي جعله كالرهن ، فإن فلس بعد دفع السلم وهو قائم جرى على خلاف ابن القاسم وأشهب في العين هل يكون أحق بها من الغرماء أم لا ؟

                                                                                                                ويحاص بمهور الزوجات قبل الدخول ، ولا تخير المرأة كما يخير بائع السلعة في سلعته إذا فلس المبتاع قبل التسليم ; لتعذر الخيار في النكاح للمرأة في حله ، ولأن الصداق ليس بعوض للبضع حقيقة ، بل شيء أوجبه الله تعالى على الرجال بدليل وجوبه أجمع بالموت قبل الدخول ، وهذا أصح الأقوال ، ويجب ألا تحاص إلا بالنصف على قولهم لا يجب بالعقد إلا النصف ، فإن حاصت بالجميع قبل الدخول ، ثم طلقها قبل الدخول قيل : نرد ما زاد على النصف وقيل تحاص الآن بالنصف فيكون لها نصف ما صار لها بالمحاصة وترد نصفه ، قاله ابن القاسم والأول قول ابن دينار ، فإن طلقها قبل التفليس ولم تقبض من صداقها شيئا فإنها تحاص بالنصف ، وإن قبضت جميعه ردت نصفه وحاص الزوج به غرماءها ، وإن قبضت النصف قبل التفليس وطلقها قبله ، وقال عبد المالك : لا ترد منه شيئا ، وقال ابن القاسم : لها منه النصف وترد النصف وتحاص به الغرماء ، فإن طلقها قبل التفليس وهو قائم الوجه ، ثم فلس لا ترد شيئا لأخذها ما تستحقه قبل الفلس ، إلا أن يكون النصف المدفوع معجلا والآخر مؤجلا فترد ما قبضت وإن كان طلقها قائم الوجه ما لم يتأخر في ذلك ويرضى الزوج بترك الرجوع عليها ، ولو دفعه إليها بعد الطلاق فلا ترد منه شيئا ; لأنه لم يدفع لها إلا ما وجب عليه .

                                                                                                                وأما الهبات والصدقات ونحوها فلا تحاص بها ; لأن الفلس يبطلها كالموت ، وأما النحل التي تنعقد عليها الأنكحة والحمالات بالأثمان فيحاص بها ; لأنها [ ص: 200 ] بعوض ، وفي نحل النكاح خلاف ، وكذلك في حمل الثمن بعد العقد والصداق بعد العقد ، وفي الجلاب : قال ابن القاسم : تحاص المرأة بصداقها في الحياة دون الممات ، وقال غيره : تحاص فيها ، وفي شرح الجلاب قيل : لا تحاصص فيهما لأنها ليست معاوضة حقيقة .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الجواهر : أجرة الجمال والكيال وما يتعلق بمصلحة جمع المال يقدم على جميع الديون .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال الأبهري قال مالك : تحاص المرأة بما أنفقت في غيبة زوجها لقيامها عنه بواجب ، دون ما أنفقته على ولدها لأنها مواساة بغير عوض ، وليس على الولد إعطاؤها النفقة من ماله ، لأنه كان فقيرا ، ولو كان غنيا لكان غير محتاج لنفقتها فهي متبرعة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية