الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                                        السنن الكبرى للنسائي

                                                                                                                        النسائي - أحمد بن شعيب النسائي

                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 191 ] 221 - قوله تعالى :

                                                                                                                        قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين

                                                                                                                        11417 - أخبرنا إبراهيم بن المستمر ، حدثنا الصلت بن محمد ، حدثنا مسلمة بن علقمة ، عن داود بن أبي هند ، عن عبد الله بن عبيد ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : " قام موسى خطيبا في بني إسرائيل ، فأبلغ في الخطبة ، فعرض في نفسه أن أحدا لم يؤت من العلم ما أوتي ، وعلم الله الذي حدث نفسه من ذلك ، قال له : يا موسى ، إن من عبادي من آتيته من العلم ما لم أوتك ، قال : أي رب ، من عبادك ؟ ! قال : نعم ، قال : فادللني على هذا الرجل الذي آتيته من العلم ما لم تؤتني حتى أتعلم منه ، قال : يدلك عليه بعض زادك ، قال لفتاه يوشع : لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا ، وكان مما تزود حوت مملح في زنبيل ، وكانا يصيبان منه عند العشاء والغداة ، فلما انتهيا إلى الصخرة عند ساحل البحر ، وضع فتاه المكتل على ساحل البحر ، فأصاب الحوت ثرى البحر ، فتحرك في المكتل ، فقلب المكتل وانسرب في [ ص: 192 ] البحر .

                                                                                                                        فلما جاوزا ، حضر الغداة ، قال : آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ، ذكر الفتى ، قال : أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا ، فذكر موسى عليه السلام ما كان عهد إليه ؛ أنه يدلك عليه بعض زادك ، فقال : ذلك ما كنا نبغ ، أي هذه حاجتنا ، فارتدا على آثارهما قصصا ، يقصان آثارهما ، حتى انتهيا إلى الصخرة ، التي فعل فيها الحوت ما فعل ، وأبصر موسى عليه السلام أثر الحوت ، فأخذا إثر الحوت يمشيان على الماء حتى انتهيا إلى جزيرة من جزائر البحر ، فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ، إلى قوله : حتى أحدث لك منه ذكرا ، أي : حتى أكون أنا أحدث لك ذلك ، فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها ، إلى قوله : فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما ، على ساحل البحر غلمان يلعبون ، فعهد إلى أصبحهم : فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا ، قال ابن عباس : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فاستحيا [ ص: 193 ] عند ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم موسى فقال : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه ، قرأ إلى : سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها ، قرأ إلى : وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ، وفي قراءة أبي : ( يأخذ كل سفينة صالحة غصبا ) ، فأردت أن أعيبها ، حتى لا يأخذها الملك ، فإذا جاوزوا الملك رقعوها وانتفعوا بها ، وبقيت لهم ، وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين ، قرأ إلى : ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا ، فجاء طائر فجعل يغمس منقاره في البحر ، فقال : تدري ما يقول هذا الطائر ؟ قال : لا ، قال : فإن هذا يقول : ما علمكما الذي تعلمان في علم الله إلا مثل ما أنقص بمنقاري من جميع هذا البحر
                                                                                                                        .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        الخدمات العلمية