الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل قال أبو بكر : ومن الناس من يحتج بهذه الآية في إيجاب الخيار وفي التفريق لامرأة العاجز عن النفقة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خير بين الدنيا والآخرة فاختار الفقر والآخرة أمره الله بتخيير نسائه ، فقال تعالى : يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها الآية .

قال أبو بكر : لا دلالة فيها على ما ذكروا وذلك ؛ لأن الله علق اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لفراقهن بإرادتهن الحياة الدنيا وزينتها ، ومعلوم أن من أراد من نسائنا الحياة الدنيا وزينتها لم يوجب ذلك تفريقا بينها وبين زوجها ، فلما كان السبب الذي من أجله أوجب الله التخيير المذكور في الآية غير موجب للتخيير في نساء غيره فلا دلالة فيه على التفريق بين امرأة العاجز عن النفقة وبينه .

وأيضا فإن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للآخرة دون الدنيا وإيثاره للفقر دون الغنى لم يوجب أن يكون عاجزا عن نفقة نسائه ؛ لأن الفقير قد يقدر على نفقة نسائه مع كونه فقيرا ، ولم يدع أحد من الناس ولا روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عاجزا عن نفقة نسائه بل كان يدخر لنسائه قوت سنة ، فالمستدل بهذه الآية على ما ذكر مغفل لحكمها .

التالي السابق


الخدمات العلمية