الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى

                                                                                                                                                                                                                                      .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى في هذه الآية الكريمة فتولى فرعون قال بعض العلماء : معناه فتولى فرعون ، انصرف مدبرا من ذلك المقام ليهيئ ما يحتاج إليه مما تواعد عليه هو وموسى . ويدل لهذا الوجه قوله تعالى في سورة " النازعات " في القصة بعينها ثم أدبر يسعى فحشر فنادى [ 79 22 - 23 ] وقوله فحشر أي : جمع السحرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض العلماء : معنى قوله فتولى فرعون أي : أعرض عن الحق الذي جاء به موسى . ومن معنى هذا الوجه قوله تعالى : إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى [ 20 48 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : فجمع كيده الظاهر أن المراد بـ كيده ما جمعه من السحر ليغلب به موسى في زعمه . وعليه فالمراد بقوله فجمع كيده هو جمعه للسحرة من أطراف مملكته ، ويدل على هذا أمران : أحدهما تسمية السحر في القرآن كيدا . كقوله إنما صنعوا كيد ساحر الآية [ 20 69 ] ، وقوله تعالى عن السحرة : فأجمعوا كيدكم [ 20 64 ] وكيدهم سحرهم . الثاني أن الذي جمعه فرعون هو السحرة كما دلت عليه آيات من كتاب الله . كقوله تعالى في " الأعراف " : وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم [ 7 111 - 112 ] . وقوله حاشرين أي : جامعين يجمعون السحرة من أطراف مملكته ، وقوله في " الشعراء " : وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم فجمع السحرة لميقات يوم معلوم [ 26 36 ] ، وقوله في " يونس " : وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم [ 10 79 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : ثم أتى أي : جاء فرعون بسحرته للميعاد ليغلب نبي الله موسى بسحره في زعمه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية