الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 508 ] القول في قوله تعالى: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ، إلى قوله: وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون [الآيات: 221- 240].

                                                                                                                                                                                                                                      نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون [ ص: 509 ] وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا .لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا واذكروا نعمت الله عليكم وما أنـزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم لا جناح عليكم إن طلقتم .النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون [ ص: 510 ] والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون

                                                                                                                                                                                                                                      الأحكام والنسخ:

                                                                                                                                                                                                                                      معنى قوله تعالى: نساؤكم حرث لكم أي: أنكم تحرثون فيهن للولد، كما تحرث الأرض طلبا للزراعة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى قوله: فأتوا حرثكم أنى شئتم فيما ذكر أكثر العلماء: أن قريشا كانت تأتي النساء في الفروج مقبلات ومدبرات، فلما قدموا المدينة، وتزوجوا في الأنصار; امتنعن من ذلك، فنزلت الآية، روي معناه عن مجاهد وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: كانت اليهود تقول: من وطئ امرأته في فرجها من دبرها; جاء ولده أحول، فنزلت الآية تكذيبا لهم، عن ابن عباس وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 511 ] فـ {أنى} على هذا المعنى بمعنى: (كيف) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معناه: متى شئتم، عن الضحاك، وقيل: المعنى: من أين شئتم; أي: من أي الجهات شئتم، عن قتادة، والربيع بن أنس .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معناه: أين شئتم، لم يحرم الله تعالى منها شيئا، وقد تقدم ما روي عن مالك فيه، وما روي من إنكاره الرواية عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      واتقوا الله أي: لا تجاوزوا ما أمرتم به.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى: وقدموا لأنفسكم أي: في الطاعة، وقيل: في طلب الولد، وقيل: اذكروا الله عند الجماع، وقيل: هو مردود على قوله: قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين [البقرة: 215].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم معنى (العرضة) : الاعتراض. باليمين بين الإنسان وبين فعل البر.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 512 ] وكذلك قال المفسرون: هو الرجل يحلف ألا يبر، ولا يصل، ولا يصلح بين الناس، فيقال له: بر، فيقول: قد حلفت، فالمعنى: كراهة أن تبروا، فأمر أن يكفر، ويأتي الذي هو خير، روي معناه عن سعيد بن جبير وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      مالك : بلغني أنه الحلف بالله في كل شيء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معنى {عرضة} : قوة لأيمانكم في ألا تبروا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: لا تجعلوا اليمين مبتذلة في كل حق وباطل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية