الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا الباب وثلاثة أبواب بعده مترجمة بآيات من القرآن أدخلها بين أبواب الوقف المذكورة في كتاب الوصايا ، وليس لذكرها فيها وجه كما ينبغي ، ولكن من حيث إن الأمر في الأوقاف ، والنظر فيها جعل إلى من يليها كما جعل أموال اليتامى إلى من يلي أمرهم ، وينظر فيهم ، فالنظر في الأوقاف كالنظر لليتامى في رعاية المصالح ، والمباشرة بالأمانات وإباحة تناول الجعالة للنظار بالمعروف كإباحتها للأوصياء بالمعروف ، وهذا مما فتح لي من الفيض الإلهي ، زادنا الله بصيرة في الأمور الدينية ، والدنيوية . قوله عز وجل : وآتوا اليتامى ، أي : أعطوا أموال اليتامى إليهم إذا بلغوا الحلم كاملة موفرة . قوله : ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ، أي : الحرام بالحلال ، ولا تجعلوا الزيف بدل الجيد ، والمهزول بدل السمين ، وقال سعيد بن جبير ، والزهري : لا تعط مهزولا ، ولا تأخذ سمينا ، وقال السدي : كان أحدهم يأخذ الشاة السمينة من غنم اليتيم ، ويجعل فيها مكانها الشاة المهزولة يقول : شاة بشاة ، ويأخذ الدرهم الجيد ، ويطرح مكانه الزيف ، ويقول : درهم بدرهم ، وقال سفيان الثوري ، عن أبي صالح لا تعجل بالرزق الحرام قبل أن يأتيك الرزق الحلال ، وقال سعيد بن جبير : لا تبدل الحرام من أموال الناس بالحلال من أموالكم . قوله : ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم قال سعيد بن جبير ، ومجاهد ، ومقاتل بن حيان ، والسدي ، وسفيان بن حسين : أي : لا تخلطوها فتأكلوها جميعا ، وقيل : إلى بمعنى مع ، والأجود أن يكون موضعها ، ويكون المعنى ، ولا تضموا أموالهم إلى أموالكم . قوله : إنه كان حوبا كبيرا قال ابن عباس : أي : إثما كبيرا عظيما ، وهكذا روي عن مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وابن سيرين ، وقتادة ، والضحاك وآخرين ، وروى ابن مردويه بإسناده إلى واصل مولى ابن عيينة ، عن ابن سيرين ، عن ابن عباس أن أبا أيوب طلق امرأته ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبا أيوب إن طلاق أم أيوب كان حوبا ، وقال ابن سيرين : الحوب الإثم . قوله : وإن خفتم ألا تقسطوا ، أي : إن خفتم أن لا تعدلوا في نكاح اليتامى فحذف لفظ النكاح ، وقال ابن عباس : كما خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فخافوا مثل ذلك في سائر النساء ، وانكحوا ما طاب لكم منهن ، وقيل : معناه إذا كانت تحت حجر أحدكم يتيمة وخاف أن لا يعطيها مهر مثلها فليعدل إلى ما سواها من النساء ، فإنهن كثير ، ولم يضيق الله عليه ، وقيل : كانت قريش في الجاهلية يكثرون التزوج بلا حصر ، فإذا كثرت عليهم المؤن وقل ما بأيديهم أكلوا ما عندهم من أموال اليتامى ، فقيل لهم : إن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى ، فانكحوا إلى الأربع . قوله : ما طاب لكم ، أي : من طاب لكم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية