الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل ومما يبين صحة الأصل المتقدم : أنهم قالوا : إذا عدم الأمهات ومن في جهتهن انتقلت الحضانة إلى العصبات ، وقدم الأقرب فالأقرب منهم ، كما في الميراث ، فهذا جار على القياس ، فيقال لهم : هلا راعيتم هذا في جنس القرابة ، فقدمتم القرابة القوية الراجحة على الضعيفة المرجوحة كما فعلتم في العصبات ؟

[ ص: 399 ] وأيضا فإن الصحيح في الأخوات عندكم أنه يقدم منهن من كانت لأبوين ، ثم من كانت لأب ، ثم من كانت لأم ، وهذا صحيح موافق للأصول والقياس ، لكن إذا ضم هذا إلى قولهم بتقديم قرابة الأم على قرابة الأب جاء التناقض ، وتلك الفروع المشكلة المتناقضة .

وأيضا فقد قالوا بتقديم أمهات الأب والجد على الخالات والأخوات للأم ، وهو الصواب الموافق لأصول الشرع ، لكنه مناقض لتقديمهم أمهات الأم على أمهات الأب ، ويناقض تقديم الخالة والأخت للأم على الأب ، كما هو إحدى الروايتين عن أحمد رحمه الله ، والقول القديم للشافعي . ولا ريب أن القول به أطرد للأصل ، لكنه في غاية البعد من قياس الأصول كما تقدم ، ويلزمهم من طرده أيضا تقديم من كان من الأخوات لأم على من كان منهن لأب ، وقد التزمه أبو حنيفة ، والمزني ، وابن سريج ، ويلزمهم من طرده أيضا تقديم بنت الخالة على الأخت للأب ، وقد التزمه زفر ، وهو رواية عن أبي حنيفة ، ولكن أبو يوسف استشنع ذلك ، فقدم الأخت للأب كقول الجمهور ، ورواه عن أبي حنيفة .

ويلزمهم أيضا من طرده تقديم الخالة والأخت للأم على الجدة أم الأب ، وهذا في غاية البعد والوهن ، وقد التزمه زفر ، ومثل هذا من المقاييس التي حذر منها أبو حنيفة أصحابه ، وقال : لا تأخذوا بمقاييس زفر ، فإنكم إن أخذتم بمقاييس زفر حرمتم الحلال ، وحللتم الحرام .

التالي السابق


الخدمات العلمية