الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 278 ] ومن خصائصه في محرمات النكاح :

50 1553 - ( 1 ) - إمساك من كرهت نكاحه ، واستشهد له بأن النبي صلى الله عليه وسلم { نكح امرأة ذات جمال ، فلقنت أن تقول له : أعوذ بالله منك ، فلما قالت ذلك قال : لقد استعذت بمعاذ الحقي بأهلك }. انتهى . قال ابن الصلاح في مشكله : هذا الحديث أصله في البخاري من حديث أبي أسيد الساعدي دون ما فيه أن نساءه علمنها ذلك ، قال : وهذه الزيادة باطلة وقد رواها ابن سعد في الطبقات بسند ضعيف . انتهى .

قلت : فيه الواقدي وهو معروف بالضعف ، ومن الوجه المذكور أخرجه الحاكم ولفظه : عن حمزة بن أبي أسيد ، عن أبيه قال { تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت النعمان الجونية فأرسلني فجئت بها ، فقالت حفصة لعائشة : اخضبيها أنت ، وأنا أمشطها ، ففعلتا ثم قالت لها إحداهما : إن رسول الله يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول : أعوذ بالله منك . فلما دخلت عليه أغلق الباب وأرخى الستر ثم مد يده إليها فقالت : أعوذ بالله منك . فقال بكمه على وجهه فاستتر به ، وقال : عذت بمعاذ ثم خرج علي فقال : يا أبا أسيد ألحقها بأهلها ، ومنعها برازقيين ، فكانت تقول : ادعوني الشقية }. وفي رواية للواقدي أيضا منقطعة : { أنه دخل عليه داخل من النساء وكانت من أجمل النساء ، فقالت : إنك من الملوك فإن كنت تريدين أن تحظي عنده فاستعيذي منه } - الحديث - وأصل حديث أبي أسيد عند البخاري كما قال ابن الصلاح ، وعنده وعند مسلم من حديث سهل بن سعد نحوه ، وسماها أميمة بنت النعمان بن شراحيل ، وفي ظاهر [ ص: 279 ] سياقه مخالفة لسياق أبي أسيد ، ويمكن الجمع بينهما ، وهو أولى من دعوى التعدد في الجونية . وللشيخين أيضا من حديث عائشة : { أن ابنة الجون لما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودنا منها قالت : أعوذ بالله منك }. وسماها ابن ماجه من هذا الوجه عمرة . ورجح ابن منده : أميمة ، وقيل : اسمها العالية ، وقيل : فاطمة . ووقع مثل هذه القصة في النسائي ، وقال : إنها من كلب ، والحق أنها غيرها ، لأن الجونية كندية بلا خلاف ، وأما الكلبية فهي سناء بنت سفيان بن عوف بن كعب بن عبيد بن أبي بكر بن كلاب ، حكاه الحاكم وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية