الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في ذكر قول الله تعالى : ويسألونك ، وقال ابن جرير : حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا جرير ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما نزلت : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن و إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما الآية انطلق من كان عنده يتيم يعزل طعامه من طعامه ، وشرابه من شرابه ، فجعل يفضل له الشيء من طعامه ، فيحبس له حتى يأكله ، أو يفسد ، فاشتد ذلك عليهم ، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، فأنزل الله ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم فخلطوا طعامهم بطعامهم ، وشرابهم بشرابهم ، وهكذا رواه أبو داود ، والنسائي ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والحاكم في ( مستدركه ) من طرق عن عطاء بن السائب به ، وكذا رواه علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، وكذا رواه السدي عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ، عن ابن مسعود بمثله ، وكذا رواه غير واحد في سبب نزول هذه الآية كمجاهد ، وعطاء ، والشعبي ، وابن أبي ليلى ، وقتادة ، وغير واحد من السلف ، والخلف . قوله : قل إصلاح لهم خير ، أي : على حدة وإن تخالطوهم فإخوانكم ، أي : وإن خلطتم طعامكم بطعامهم ، وشرابكم بشرابهم ، فلا بأس عليكم ، لأنهم إخوانكم في الدين ; ولهذا قال : والله يعلم المفسد من المصلح ، أي : يعلم من قصده ونيته الإفساد ، أو الإصلاح ، ويقال : وإن تخالطوهم ، أي : في الطعام ، والشراب ، والسكنى ، واستخدام العبيد فإخوانكم ، وقالوا لرسول الله : بقيت الغنم لا راعي لها ، والطعام ليس له صانع ، فنزلت ونسخ ذلك قوله : ولو شاء الله لأعنتكم ، أي : لو شاء لضيق عليكم ، وأحرجكم ، ولكنه وسع عليكم وخفف عنكم ، وأباح لكم مخالطتهم بالتي هي أحسن ، وفي ( تفسير النسفي ) ، وعلى هذا اجتماع الرفقة في السفر على خلط المال ، ثم اتخاذ الأطعمة به وتناول الكل منها مع وهم التفاوت فرخص لهم استدلالا بهذه الآية .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية