الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ذكر خلافة المهدي ابن المنصور

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لما مات أبوه المنصور بمكة لست - وقيل : لسبع - مضين من ذي الحجة من سنة ثمان وخمسين ومائة ، أخذت له البيعة بمكة من رءوس بني هاشم والقواد الذين هم مع المنصور في الحج قبل دفنه ، وبعث بالبيعة وبالبردة والقضيب مع البريد إلى المهدي وهو ببغداد ، فوصله البريد يوم الثلاثاء للنصف من ذي الحجة ، فسلم عليه بالخلافة ، وأعطاه الكتب بالبيعة ، وبايعه أهل مدينة السلام ، ونفذت البيعة إلى سائر الآفاق والأقاليم ، وقد كان ولي العهد من بعد أبيه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وذكر ابن جرير أن المنصور قبل وفاته بيوم تحامل وتساند ، واستدعى [ ص: 475 ] بالأمراء ، فجدد لهم البيعة لابنه المهدي ، فتسارعوا إلى ذلك وتبادروا إليه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس في هذه السنة إبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن وصية عمه إليه في ذلك ، وهو الذي صلى عليه ، وقيل : إن الذي صلى على المنصور عيسى بن موسى ولي العهد من بعد المهدي . والصحيح الأول; لأنه كان نائب مكة والطائف .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وعلى إمرة المدينة عبد الصمد بن علي ، وعلى الكوفة عمرو بن زهير الضبي ، أخو المسيب بن زهير أمير الشرطة للخليفة ، وعلى خراسان حميد بن قحطبة ، وعلى خراج البصرة وأرضها عمارة بن حمزة ، وعلى صلاتها وقضائها عبيد الله بن الحسن العنبري ، وعلى أحداثها سعيد بن دعلج .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الواقدي : وأصاب الناس في هذه السنة وباء شديد . فتوفي فيه خلق كثير وجم غفير ، منهم أفلح بن حميد ، وحيوة بن شريح ، ومعاوية بن صالح بمكة ، وزفر بن الهذيل بن قيس بن سليم بن قيس بن مكمل بن ذهل بن ذؤيب بن جذيمة بن عمرو بن حنجود بن جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم بن [ ص: 476 ] مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان التميمي العنبري الكوفي الفقيه الحنفي . أقدم أصحاب أبي حنيفة وفاة ، وأكثرهم استعمالا للقياس ، وكان عابدا اشتغل أولا بعلم الحديث ، ثم غلب عليه الفقه والقياس . ولد سنة ست عشرة ومائة ، وتوفي سنة ثمان وخمسين عن ثنتين وأربعين سنة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية