الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء من تحل له الصدقة من الغارمين وغيرهم

                                                                                                          655 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري قال أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقوا عليه فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرمائه خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك قال وفي الباب عن عائشة وجويرية وأنس قال أبو عيسى حديث أبي سعيد حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أصيب رجل ) أي أصابه آفة ، قيل : هو معاذ بن جبل -رضي الله تعالى عنه- ( في ثمار ) متعلق بأصيب ( ابتاعها ) أي اشتراها ، والمعنى لحقه خسران بسبب إصابة آفة في ثمار اشتراها ولم ينقد ثمنها ( فكثر دينه ) أي فطالبه البائع بثمن تلك الثمار ، وكذا طالبه بقية غرمائه وليس له مال يؤديه ( فلم يبلغ ذلك ) أي ما تصدقوا عليه ( لغرمائه ) جمع غريم وهو بمعنى المديون والدائن ، والمراد هاهنا هو الأخير ( وليس لكم إلا ذلك ) أي ما وجدتم ، والمعنى ليس لكم إلا أخذ ما وجدتم ، والإمهال بمطالبة الباقي إلى الميسرة . وقال المظهر : أي ليس لكم زجره وحبسه لأنه ظهر إفلاسه ، وإذا ثبت إفلاس الرجل لا يجوز حبسه في الدين بل يخلى ويمهل إلى أن يحصل له مال فيأخذه الغرماء ، وليس معناه أنه ليس لكم إلا ما وجدتم وبطل ما بقي من ديونكم ، لقوله تعالى : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة كذا في المرقاة .

                                                                                                          قلت : ما نفاه المظهر قد قال به جماعة ، وهم الذين ذهبوا إلى وجوب وضع الجائحة ، قال النووي في شرح مسلم : اختلف العلماء في الثمرة إذا بيعت بعد بدو الصلاح وسلمها البائع إلى المشتري بالتخلية بينه وبينها ثم تلفت قبل أوان الجذاذ بآفة سماوية ، هل تكون من ضمان البائع أو المشتري؟ فقال الشافعي في أصح قوليه وأبو حنيفة والليث بن سعد وآخرون : هي من ضمان المشتري ولا يجب وضع الجائحة لكن يستحب . وقال الشافعي في القديم وطائفة : هي من ضمان البائع ويجب وضع الجائحة . وقال مالك : إن كانت دون الثلث لم يجب وضعها وإن كانت الثلث فأكثر ، وجب وضعها وكانت من ضمان البائع ، ثم ذكر النووي دلائل هؤلاء الأئمة من شاء الوقوف عليها فليرجع إليه .

                                                                                                          [ ص: 258 ] قوله : ( وفي الباب عن عائشة وجويرية وأنس ) أما حديث عائشة وحديث جويرية فلينظر من أخرجهما ، وأما حديث أنس فأخرجه أحمد وأبو داود عنه مرفوعا : إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة : لذي فقر مدقع ، أو لذي غرم مفظع ، أو لذي دم موجع كذا في المنتقى . وفي الباب أحاديث أخرى مذكورة في نصب الراية والدراية .

                                                                                                          قوله : ( حديث أبي سعيد حديث حسن صحيح ) وأخرجه مسلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية