الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل )

                                                                                                                              في بيان ما يلزم السيد ويسن له ويحرم عليه وما لولد المكاتبة ، والمكاتب من الأحكام وبيان امتناع السيد من القبض ، ومنع المكاتب من التزوج ، والتسري وبيعه للمكاتب ، أو لنجومه وتوابع لما ذكر ( يلزم السيد ) [ ص: 400 ] أو وارثه مقدما له على مؤن التجهيز ( أن يحط عنه ) في الكتابة الصحيحة لا الفاسدة ( جزءا من المال ) المكاتب عليه ( أو يدفعه ) أي : جزءا من المعقود عليه بعد أخذه ، أو من جنسه لا من غيره كالزكاة إلا إن رضي ( إليه ) لقوله تعالى { وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } ، والأمر للوجوب ؛ إذ لا صارف عنه ، بخلاف الكتابة كما مر ولو أبرأه من الكل فلا وجوب كما أفهمه المتن وكذا لو كاتبه في مرض موته ، وهو ثلث ماله أو كاتبه على منفعته ( والحط أولى ) من الدفع ؛ لأنه المأثور عن الصحابة رضي الله عنهم ولأن الإعانة فيه محققة ، والمدفوع قد ينفقه في جهة أخرى ، ومن ثم كان الأصل هو الحط ، والإيتاء إنما هو بدل عنه ( و ) الحط ( في النجم الأخير أليق ) ؛ لأنه أقرب إلى تحصيل مقصود العتق وحينئذ فينبغي أن أليق بمعنى أفضل .

                                                                                                                              ( ، والأصح أنه يكفي ) فيه ( ما يقع عليه الاسم ) أي : اسم مال ( ولا يختلف بحسب المال ) قلة وكثرة ؛ لأنه لم يصح فيه توقيف . وخبر أن المراد في الآية ربع مال الكتابة الأصح وقفه على راويه علي كرم الله وجهه فلعله من اجتهاده . وادعاء أن هذا لا يقال من قبل الرأي فهو في حكم المرفوع ممنوع . ( و ) الأصح ( أن وقت وجوبه قبل العتق ) أي : يدخل وقت أدائه بالعقد ويتضيق إذا بقي من النجم الأخير قدر ما يفي به من مال الكتابة ؛ لما مر [ ص: 401 ] أنه ليس القصد به إلا الإعانة على العتق ، فإن لم يؤد قبله أدى بعده وكان قضاء ( ويستحب الربع ) للخبر المار ولقول ابن راهويه أجمع أهل التأويل أنه المراد من الآية ( وإلا ) يسمح به ( فالسبع ) اقتداء بابن عمر رضي الله عنهما

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل يلزم السيد أن يحط عنه جزءا من المال إلخ )

                                                                                                                              [ ص: 400 ] قوله : أن يحط عنه جزءا من المال إلخ ، أو يدفعه إليه لم إلخ ) الخيرة للسيد حتى لو أراد الدفع إليه وأبى المكاتب إلا الحط أجيب السيد فيجبر المكاتب على الأخذ ، فإن لم يفعل قبضه القاضي م ر . ( قوله : وكذا ) أي : لا وجوب . ( قوله : ومن ثم كان الأصل هو الحط إلخ ) ما معنى أصالة الحط مع أن الإيتاء هو المنصوص في الآية ؟ إلا أن يراد بها أرجحيته في نظر الشرع وإنما نص على الإيتاء لفهم الحط منه بالأولى ، ثم رأيت في شرح غاية الاختصار للحصني ما نصه : قال بعضهم : والإيتاء يقع على الحط والدفع إلا أن الحط أولى ؛ لأنه أنفع له وبه فسر الصحابة رضي الله عنهم ا هـ . ( قوله : وحينئذ فينبغي أن أليق بمعنى أفضل إلخ ) قد يقال : لا حاجة لذلك بل يكفي [ ص: 401 ] أنه يترتب على الأليقية الأفضلية . ( قوله : اقتداء بفعل ابن عمر ) أي : وفعل ابن عمر مما يدل على أن إرادة الربع من الآية بتقديره ليس على وجه الوجوب



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في بيان ما يلزم السيد ويسن له ويحرم عليه وما لولد المكاتب من الأحكام وغير ذلك )

                                                                                                                              . ( قوله : في بيان ما يلزم السيد ) إلى قوله : وخبر أن المراد في المغني إلا قوله : وحينئذ إلى المتن وإلى قول المتن : والحق فيه للسيد في النهاية إلا قوله : بخلاف الكتابة كما مر وقوله : حتى النظر إلى ومثلها المبعضة ( قوله : وما لولد المكاتبة والمكاتب من الأحكام ) عبارة المغني وبيان حكم ولد المكاتبة . ا هـ . ( قول المتن : أن يحط عنه جزءا من المال أو يدفعه إليه ) الخيرة للسيد حتى لو أراد الدفع إليه وأبى المكاتب إلا الحط أجيب السيد فيجبر المكاتب على الأخذ فإن لم يفعل قبضه القاضي م ر . ا هـ . سم عبارة المغني والروض مع شرحه وإذا لم يبق على المكاتب من النجوم إلا القدر الواجب في الإيتاء لا يسقط ولا يحصل التقاص ؛ لأنا ، وإن جعلنا الحط أصلا فللسيد أن [ ص: 400 ] يعطيه من غيره وليس له تعجيزه كما سيأتي في الفصل الآتي ؛ لأن له عليه مثله لكن يرفعه المكاتب إلى الحاكم حتى يرى رأيه ويفصل الأمر بينهما . ا هـ . ( قوله : أو وارثه إلخ ) عبارة المغني والروض مع شرحه فإن مات السيد ولم يؤته شيئا لزم الوارث ، أو وليه الإيتاء فإن كان النجم باقيا تعين منه وقدم على الدين ، وإن تلف النجم قدم الواجب على الوصايا وإن أوصى بأكثر من الواجب فالزائد عليه من الوصايا . ا هـ . ( قوله : مقدما له على مؤن التجهيز ) أي تجهيز السيد لو مات وقت وجوب الأداء ، أو الحط وذلك بأن لم يبق من مال الكتابة إلا قدر ما يجب الإيتاء لما يأتي من أنه يدخل وقته بالعقد ويتضيق إذا بقي من النجم الأخير قدر ما يفي به من مال الكتابة ع ش . ( قوله : المكاتب عليه ) أي : والألف واللام في المال للعهد مغني . ( قوله : إلا إن رضي ) أي : العبد ع ش عبارة المغني فإن أعطاه من غير جنسه لم يلزمه قبوله ولكن يجوز وإن كان من جنسه وجب قبوله . ا هـ . ( قوله : كما مر ) أي : من أن الأمر فيها بعد الحظر والأمر بعده للإباحة وندبها من دليل آخر ( قوله : ولو أبرأه من الكل فلا وجوب إلخ ) لزوال مال الكتابة وكذا لو وهبها له كما قاله الزركشي وكذا لو باعه نفسه أو أعتقه ولو بعوض مغني وروض مع شرحه . ( قوله : وكذا إلخ ) أي : لا وجوب سم أي : وليس المراد أن كلامه أفهم ذلك أيضا ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : وهو ثلث ماله ) أي : ولو بضم النجوم إلى غيرها من المال ع ش . ( قوله : على منفعته ) أي : منفعة نفسه كذا في النهاية والمغني ومقتضاه اختصاص الحكم بما إذا كان الكتابة على منفعة متعلقة بعينه بخلاف ما إذا كانت على منفعة في ذمته ، لكن لا يظهر وجه الاختصاص فليراجع . ( قوله : لأنه المأثور من الصحابة إلخ ) أي قولا وفعلا مغني . ( قوله : والمدفوع قد ينفعه إلخ ) أي وفي الدفع موهومة فإنه قد ينفق المال في جهة إلخ نهاية ومغني . ( قوله : ومن ثم إلخ ) راجع لكل من التعليلين ( قوله : كان الأصل هو الحط إلخ ) ما معنى أصالة الحط مع أن الإيتاء هو المنصوص في الآية إلا أن يريد بها أرجحيته في نظر الشرع وإنما نص على الإيتاء لفهم الحط منه بالأولى ثم رأيت في شرح غاية الاختصار للحصني ما نصه : قال بعضهم : والإيتاء يقع على الحط والدفع إلا أن الحط أولى ؛ لأنه أنفع له وبه فسر الصحابة رضي الله تعالى عنهم انتهى . ا هـ . سم . ( قوله : والحط ) أي : أو والدفع مغني . ( قوله : وحينئذ فينبغي إلخ ) قد يقال : لا حاجة لذلك بل يكفي أنه يترتب على الأليقية الأفضلية سم . ( قوله : أي اسم مال ) هو صادق بأقل متمول كشيء من جنس النجوم قيمته درهم نحاس ولو كان المالك متعددا وهو ظاهر وكتب سم على قول المنهج متمول انظر لو كان المتمول هو الواجب في النجمين هل يسقط الحط ؟ انتهى . أقول : الأقرب عدم السقوط وينبغي أن يحط بعد ذلك القدر . ( قول المتن : ولا يختلف بحسب المال ) هذا ما نقلاه عن نص الأم ع ش وعبارة الروضة أقل متمول وهو المراد من عبارة الكتاب قال البلقيني : إن هذا من المعضلات فإن إيتاء فلس لمن كوتب على ألف درهم تبعد إرادته بالآية الكريمة وأطال في ذلك والثاني لا يكفي ما ذكر ويختلف بحسب المال فيجب ما يليق بالحال فإن لم يتفقا على شيء قدره الحاكم باجتهاده ( تنبيه )

                                                                                                                              لو كاتب شريكان مثلا عبدا لزم كلا منهما ما يلزم المنفرد بالكتابة كما بحثه بعض المتأخرين . ا هـ . وهذا ينافي قول ع ش المار ولو كان المالك متعددا . ( قوله : الأصح وقفه إلخ ) ومقابله أنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعبارة المحلي أي : والأسنى والمغني وروي عنه أي : عن علي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ع ش . ( قول المتن : أن وقت وجوبه ) أي الحط ، أو الدفع مغني . ( قوله : أي : يدخل إلخ ) عبارة المغني والثاني بعده لينتفع به وعلى الأول إنما يتعين في النجم الأخير ويجوز من أول عقد الكتابة [ ص: 401 ] لأنها سبب الوجوب كما نقول الفطرة تجب بغروب الشمس ليلة العيد ووقت الجواز من أول رمضان ؛ لأنه سبب الوجوب هذا ما صرح به ابن الصباغ وقيل : يجب بالعقد وجوبا موسعا ويتضيق عند العتق وبهذا صرح في التهذيب وقيل : إنه يتضيق إذا بقي من النجم الأخير القدر الذي يحطه أو يؤتيه إياه وعبارة المصنف صادقة بكل من ذلك وعلى كل لو أخر عن العتق أثم وكان قضاء . ا هـ . وكلام الشارح إنما يوافق الأخير فقط . ( قوله : أنه ليس القصد به إلخ ) فيه أن ما مر لا يفهم منه الحصر ( قوله : وكان قضاء ) أي : مع الإثم بالتأخير ع ش . ( قوله : للخبر المار ) إلى قول المتن : ولو أتى في المغني إلا قوله : ولا يرد إلى ومثلها وقوله : وإن حملت به إلى المتن وقوله : لأنه بدل إلى المتن وقوله : إذا كان أنثى إلى المتن وقوله : ما عدا ما يجب إيتاؤه . ( قوله : للخبر المار ) تقدم أن الأصح وقفه وأنه يقال من قبل الرأي فلا يصح الاحتجاج به رشيدي .

                                                                                                                              ( قوله : ولقول ابن راهويه ) أي : إسحاق بن راهويه ( قوله : أجمع أهل التأويل إلخ ) حمل على الندب مغني . ( قوله : أنه المراد إلخ ) أي : على أن الربع المراد . ( قول المتن : وإلا فالسبع ) قال البلقيني : بقي بينهما أي : الربع والسبع السدس وروى البيهقي عن أبي سعيد مولى أبي سيد أنه كاتب عبدا له على ألف درهم ومائتي درهم قال : فأتيته بمكاتبتي فرد علي مائتي درهم ومراده بقي مما ورد في الحديث وإلا فالخمس أولى من السدس والثلث أولى من الربع ومما دونه أسنى . ( قوله : اقتداء بابن عمر ) أي وفعل ابن عمر مما يدل على أن إرادة الربع من الآية بتقديره ليس على وجه الوجوب سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية