الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : إن الذي فرض عليك القرآن فيه خمسة تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أنزل عليك القرآن ، قاله يحيى بن سلام والفراء .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أعطاكه ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أوجب عليك العمل به ، حكاه النقاش .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : حملك تأديته وكلفك إبلاغه ، حكاه ابن شجرة .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : بينه على لسانك ، قاله ابن بحر .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل سادسا : أي قدر عليك إنزاله في أوقاته لأن الفرض التقدير .

                                                                                                                                                                                                                                        لرادك إلى معاد فيه خمسة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : إلى مكة ، قاله مجاهد والضحاك وابن جبير ، والسدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : إلى بيت المقدس ، قاله نعيم القاري .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : إلى الموت ، قاله ابن عباس وعكرمة .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : إلى يوم القيامة ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : إلى الجنة ، قاله أبو سعيد الخدري .

                                                                                                                                                                                                                                        وقيل : إن هذه الآية نزلت في الجحفة حين عسف به الطريق إليها فليست مكية ولا مدنية .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : كل شيء هالك إلا وجهه فيه ستة تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 273 ] أحدها : معناه إلا هو ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : إلا ما أريد به وجهه ، قاله سفيان الثوري .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : إلا ملكه ، حكاه محمد بن إسماعيل البخاري .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : إلا العلماء فإن علمهم باق ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : إلا جاهه كما يقال لفلان وجه في الناس أي جاه ، قاله أبو عبيدة .

                                                                                                                                                                                                                                        السادس : الوجه العمل ومنه قولهم : من صلى بالليل حسن وجهه بالنهار أي عمله . وقال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        أستغفر الله ذنبا لست محصيه رب العباد إليه الوجه والعمل



                                                                                                                                                                                                                                        له الحكم فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : القضاء في خلقه بما يشاء من أمره ، قاله الضحاك وابن شجرة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن ليس لعباده أن يحكموا إلا بأمره ، قاله ابن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        وإليه ترجعون يوم القيامة فيثيب المحسن ويعاقب المسيء ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية