الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 580 ] القول في تأويل قوله ( وبدارا أن يكبروا )

قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : " وبدارا" ، ومبادرة . وهو مصدر من قول القائل : "بادرت هذا الأمر مبادرة وبدارا" .

وإنما يعني بذلك جل ثناؤه ولاة أموال اليتامى . يقول لهم : لا تأكلوا أموالهم إسرافا - يعني ما أباح الله لكم أكله - ولا مبادرة منكم بلوغهم وإيناس الرشد منهم ، حذرا أن يبلغوا فيلزمكم تسليمه إليهم ، كما : -

8590 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " إسرافا وبدارا " ، يعني : أكل مال اليتيم مبادرا أن يبلغ ، فيحول بينه وبين ماله .

8591 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة والحسن : " ولا تأكلوها إسرافا وبدارا " ، يقول : لا تسرف فيها ولا تبادره .

8592 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وبدارا " ، تبادرا أن يكبروا فيأخذوا أموالهم .

8593 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " إسرافا وبدارا " ، قال : هذه لولي اليتيم يأكله ، جعلوا له أن يأكل معه ، إذا لم يجد شيئا يضع يده معه ، فيذهب يؤخره ، يقول : "لا أدفع إليه ماله" ، وجعلت تأكله تشتهي أكله ، لأنك إذا لم تدفعه إليه لك فيه نصيب ، وإذا دفعته إليه فليس لك فيه نصيب .

[ ص: 581 ]

وموضع"أن" في قوله : " أن يكبروا" نصب ب"المبادرة" ، لأن معنى الكلام : لا تأكلوها مبادرة كبرهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية