الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 274 ] سورة العنكبوت

                                                                                                                                                                                                                                        مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر . ومدنية كلها في أحد قولي ابن عباس وقتادة . وفي القول الثاني لهما وهو قول يحيى بن سلام مكية كلها إلا عشر آيات من أولها مدنية إلى قوله وليعلمن المنافقين وقال علي رضي الله عنه نزلت بين مكة والمدينة .

                                                                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                        الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : الم أحسب الناس أن يتركوا هذا لفظ استفهام أريد به التقرير والتوبيخ وفيه خمسة أقاويل :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : معناه أظن الذين قالوا لا إله إلا الله أن يتركوا فلا يختبروا أصدقوا أم كذبوا . قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أظن المؤمنون ألا يؤمروا ولا ينهوا ، قاله ابن بحر .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أظن المؤمنون ألا يؤذوا ويقتلوا . قاله الربيع بن أنس . وقال قتادة : نزلت في أناس من أهل مكة خرجوا للهجرة فعرض لهم المشركون فرجعوا فنزلت [ ص: 275 ] فيهم فلما سمعوها خرجوا فقتل منهم من قتل وخلص من خلص فنزل فيهم والذين جاهدوا فينا الآية .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : أنها نزلت في عمار بن ياسر ومن كان يعذب في الله بمكة ، قاله عبيد بن عمير . قال الضحاك : نزلت في عباس بن أبي ربيعة أسلم وكان أخا أبي جهل لأمه أخذه وعذبه على إسلامه حتى تلفظ بكلمة الشرك مكرها .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : نزلت في قوم أسلموا قبل فرض الجهاد والزكاة فلما فرضا شق عليهم فنزل ذلك فيهم ، حكاه ابن أبي حاتم . وفي قوله : وهم لا يفتنون وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : لا يسألون ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : لا يختبرون في أموالهم وأنفسهم بالصبر على أوامر الله وعن نواهيه .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : ولقد فتنا الذين من قبلهم فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : بما افترضه عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : بما ابتلاهم به .

                                                                                                                                                                                                                                        فليعلمن الله الذين صدقوا فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : فليظهرن الله لرسوله صدق الصادق ، قاله ابن شجرة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : فليميزن الله الذين صدقوا من الكاذبين ، قاله النقاش وذكر أن هذه الآية نزلت في مهجع مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو أول قتيل من المسلمين يوم بدر قتله عامر ابن الحضرمي ، ويقال إنه أول من يدعى إلى الجنة من شهداء المسلمين، وفيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر (سيد الشهداء مهجع .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : أم حسب الذين يعملون السيئات قال قتادة : الشرك وزعم أنهم اليهود .

                                                                                                                                                                                                                                        أن يسبقونا فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن يسبقوا ما كتبنا عليهم في محتوم القضاء .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن يعجزونا حتى لا نقدر عليهم ، وهو معنى قول مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل ثالثا : أن يفوتونا حتى لا ندركهم .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 276 ] ساء ما يحكمون فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : ساء ما يظنون ، قاله ابن شجرة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : ساء ما يقضون لأنفسهم على أعدائهم ، قاله النقاش .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية