الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          والمرجع في الخراج والجزية إلى اجتهاد الإمام في الزيادة والنقصان على قدر الطاقة ، وعنه : يرجع إلى ما ضربه عمر - رضي الله عنه - لا يزاد ولا ينقص ، وعنه : تجوز الزيادة دون النقص . قال أحمد وأبو عبيد : أصح وأعلى حديث في أرض السواد حديث عمرو بن ميمون يعني أن عمر وضع على كل جريب درهما وقفيزا وقدر القفيز ثمانية أرطال بالمكي ، فيكون ستة عشر رطلا بالعراقي ، والجريب : عشر قصبات في عشر قصبات ، والقصبة : ستة أذرع وهو ذراع وسط وقبضة وإبهام قائمة . وما لا يناله الماء مما لا يمكن زرعه ، فلا خراج عليه فإن أمكن زرعه عاما بعد عام ، وجب نصف خراجه في كل عام .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( والمرجع في الخراج والجزية إلى اجتهاد الإمام في الزيادة والنقصان ) . قال الخلال : رواه الجماعة ؛ وعليه مشايخنا ، لأنه مصروف في المصالح ، فكان مفوضا إلى اجتهاد الإمام . ( على قدر الطاقة ) فيضرب على كل أرض وإنسان ما يطيقه ويحتمله ؛ لأن ذلك يختلف . ( وعنه : يرجع إلى ما ضربه عمر رضي الله عنه لا يزاد ولا ينقص ) لأن اجتهاد عمر أولى من قول غيره ، كيف ولم ينكره أحد من الصحابة مع شهرته ، فكان كالإجماع ( وعنه : تجوز الزيادة ) في الخراج ( دون النقص ) لما روى عمرو بن ميمون أنه سمع عمر يقول لحذيفة وعثمان بن حنيف : لعلكما حملتما الأرض ما لا تطيق ، فقال عثمان : والله لو زدت عليهم لأجهدتهم ، فدل على إباحة الزيادة ما لم يجهدهم ، ولأنه ناظر في مصالح المسلمين كافة ، فجاز فيه دون النقصان ، وعنه : جوازها في الخراج دون الجزية ، اختارها الخرقي والقاضي ، وقال : نقله الجماعة ، وصححه في " المحرر " ؛ لأن الخراج في معنى الأجرة ، بخلاف الجزية ، فإن المقصود منها الإذلال ، فهي في معنى العقوبة ، فلم تتغير كالحدود ، وعنه : جوازها فيهما إلا جزية أهل اليمن ، لا يخرج عن الدينار فيها . اختاره أبو بكر ؛ لأنه - عليه السلام - قررها عليهم كذلك . ( قال أحمد وأبو عبيد ) القاسم بن سلام ( أصح وأعلى حديث في أرض السواد حديث عمرو بن ميمون يعني أن عمر وضع على كل جريب درهما وقفيزا ) أي : على جريب الزرع درهما وقفيزا من طعامه ، وعلى جريب النخل ثمانية دراهم [ ص: 381 ] وعلى جريب الكرم عشرة دراهم ، وعلى جريب الرطبة ستة دراهم ، هذا هو الذي وظفه عمر في أصح الروايات عنه . وروى عنه أبو عبيد أنه بعث عثمان بن حنيف لمساحة أرض السواد ، فضرب على جريب الزيتون اثني عشر درهما ، وعلى جريب الكرم عشرة دراهم ، وعلى جريب النخل ثمانية دراهم ، وعلى جريب الرطبة ستة دراهم ، وعلى جريب الحنطة أربعة دراهم ، وعلى جريب الشعير درهمين ، والروايات مختلفة في ذلك ، فالأخذ بالأعلى والأصح أولى . ( وقدر القفيز ثمانية أرطال بالمكي ) نص عليه ، واختاره القاضي ؛ لأن الرطل العراقي لم يكن ، وإنما كان المكي ، وهو رطلان ( فيكون ستة عشر رطلا بالعراقي ) وقال أبو بكر : قد قيل : قدره ثلاثون رطلا ، وقدم في " المحرر " أن القفيز ثمانية أرطال صاع عمر ؛ فغيره الحجاج ، نص عليه ، وذلك ثمانية أرطال بالعراقي ؛ لأنه هو القفيز الذي كان معروفا بالعراق ، وهو المسمى بالقفيز الحجاجي ، وينبغي أن يكون من جنس ما تخرجه الأرض حنطة أو شعيرا ، ذكره في " الكافي " و " الشرح " ( والجريب عشر قصبات في عشر قصبات ) أي : مائة قصبة مكسرة ، ومعنى الكسر : ضرب أحد العددين في الآخر ، فيصير أحدهما كسرا للآخر . والقصبة : هي المقدار المعلوم الذي يمسح به المزارع ، كالذراع للبز ، واختير القصب على غيره ؛ لأنه لا يطول ولا يقصر ، وهو أخف من الخشب . ( والقصبة ستة أذرع ) بالذراع العمرية أي : بذراع عمر ، وهو ذراع وسط ، والمعروف بالذراع الهاشمية ، سماه المنصور به ( وهو ذراع وسط ) أي : بيد الرجل المتوسط الطول . ( وقبضة وإبهام قائمة ) وهو معروف بين الناس .

                                                                                                                          ( وما لا يناله الماء ) أي : ماء السقي ( مما لا يمكن زرعه ، فلا خراج عليه ) [ ص: 382 ] ؛ لأن الخراج أجرة الأرض ، وما لا منفعة فيه لا أجر له ، وعنه : يجب على ما أمكن زرعه بماء السماء ؛ لأن المطر يربي زرعها في العادة . قال ابن عقيل : وكذا إذا أمكن سقيها بالدواليب ، وإن أمكن إحياؤه فلم يفعل - وقيل : أو زرع ما لا ماء له ؛ فروايتان ، وفي " الواضح " روايتان فيما لا ينتفع به مطلقا ، والمذهب أن الخراج لا يجب إلا على ما يسقى وإن لم يزرع . ( فإن أمكن زرعه عاما بعد عام وجب نصف خراجه في كل عام ) لأن نفع الأرض على النصف فكذا الخراج في مقابلة النفع ، وهو معنى كلامه في " المحرر " : ما زرع عاما ، وأريح آخر عادة ، وفي " الترغيب " " كالمحرر " وفيه : يؤخذ خراج ما لم يزرع عن أقل ما يزرع ، وإن البياض بين النخل ليس فيه إلا خراجها ، فإن ظلم في خراجه ، لم يحتسبه من العشر ؛ لأنه ظلم ، وعنه : بلى ؛ لأن الآخذ لهما واحد ، اختاره أبو بكر .

                                                                                                                          فرع : إذا يبس الكرم بجراد أو غيره ، سقط من الخراج حسبما تعطل من النفع ، وإذا لم يمكن النفع به ببيع أو إجارة أو غيرها ، لم تجز المطالبة . ذكره الشيخ تقي الدين .




                                                                                                                          الخدمات العلمية