الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        31 - الحديث الرابع : عن عبد الله بن عمر : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال { يا رسول الله ، أيرقد أحدنا وهو جنب ؟ قال : نعم ، إذا توضأ أحدكم فليرقد } .

                                        التالي السابق


                                        وضوء الجنب قبل النوم : مأمور به ، والشافعي حمله على الاستحباب ، وفي مذهب مالك قولان :

                                        أحدهما : الوجوب ، وقد ورد بصيغة الأمر في بعض الأحاديث الصحيحة ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم { توضأ واغسل ذكرك ، ثم نم } لما سأله عمر [ ص: 138 ] إنه تصيبه الجنابة من الليل " وليس في هذا الحديث - الذي ذكره المصنف - متمسك للوجوب ، فإنه وقف إباحة الرقاد على الوضوء ، فإن هذا الأمر في قوله عليه الصلاة والسلام " فليرقد " ليس للوجوب ، ولا للاستحباب ، فإن النوم من حيث هو نوم لا يتعلق به وجوب ولا استحباب ، فإذا هو للإباحة ، فتتوقف الإباحة ههنا على الوضوء ، وذلك هو المطلوب .

                                        والذين قالوا : إن الأمر ههنا على الوجوب ، اختلفوا في علة هذا الحكم ، فقيل : علته أن يبيت على إحدى الطهارتين ، خشية الموت في المنام ، وقيل : علته أن ينشط إلى الغسل إذا نال الماء أعضاءه ، وبنوا على هاتين العلتين : أن الحائض إذا أرادت النوم ، هل تؤمر بالوضوء ؟ فمقتضى التعليل بالمبيت على إحدى الطهارتين : أن تتوضأ الحائض ; لأن المعنى موجود فيها ومقتضى التعليل بحصول النشاط : أن لا تؤمر به الحائض ; ; لأنها لو نشطت لم يمكنها رفع حدثها بالغسل .

                                        وقد نص الشافعي على أنه ليس ذلك على الحائض ، فيحتمل أن يكون راعى هذه العلة ، فنفى الحكم لانتفائها ، ويحتمل أن يكون لم يراعها ، ونفى الحكم ; لأنه رأى أن أمر الجنب به تعبد ، ولا يقاس عليه غيره ، أو رأى علة أخرى غير ما ذكرناه ، والله أعلم .




                                        الخدمات العلمية