الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ المبحث السابع ] في استحالة الخطأ على الإجماع وفيه مسائل . الأول : أجمعوا على أنه لا يجوز أن تجتمع الأمة على الخطأ في مسألة واحدة ، وإنما اختلفوا في طريقه . فنقل القاضي عن الجمهور أنه السمع دون العقل ، وأنه لا يمتنع الخطأ عليهم عقلا ، ولكنه امتنع بالسمع ، وقيل : بل امتنع عقلا وسمعا . [ ص: 392 ] قال ابن فورك : قال أصحابنا : إن الله - جل ذكره - لما ختم أمر الرسالة بنبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عصم جملة أمته من الإجماع على الخطأ في كل عصر ، حتى يكونوا معصومين في التبليغ والأداء ويكونوا كنبي جدد شريعة . قلت : وقبل قولهم كقول المعصوم . فإن قيل : سيأتي جواز رجوعهم عما أجمعوا عليه إذا شرطنا انقراض العصر . قلنا : قائله يجوز الخطأ عليهم ، لكن لا يقرون عليه ، وهم معصومون عن دوام الخطأ ، وهذا يحتمل إن قصر الزمان ، فإن تطاوله بحيث يتبعهم الناس على وجه لا يمكن استدراكه فمستحيل ، كما يمتنع في الرسالة .

                                                      الثانية : أن يخطئ كل فريق في مسألة أجنبية عن الأخرى ، فيجوز القطع بأن كل فريق يجوز أن يخطئ . الثالثة : أن يجمعوا على الخطأ في مسألتين . مثل أن يكون بعضهم قائلا بمذهب الخوارج ، والباقي بالاعتزال والرفض . وفي الفروع مثل أن يقول : النصف بأن العبد يرث ، والباقي بأن القاتل عمدا يرث لرجوعهما إلى مأخذ واحد ، وهو مانع الميراث ، فوقع الخطأ فيه كله . اختلفوا فيه . فمن نظر إلى اتحاد الأصل منع ، ومن نظر إلى تعدد الفروع اختار ، والأكثرون كما قال الهندي على امتناعه ; لأنه إجماع على خطأ ، فلم يقع منهم ، كما لم يقع في المسألة الواحدة . وقيل : يصح ، وليس بإجماع على خطأ . حكاه القاضي عبد الوهاب ; لأن الخطأ في كل واحد منهما ليس بقول كل الأمة ، بل الفريق الذاهب إليها فقط .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية