الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثالثة : قوله تعالى : { لولا كتاب من الله سبق } في إحلال الغنيمة لعذبتم بما اقتحمتم فيها مما ليس لكم اقتحامه إلا بشرع ، فكان هذا دليلا على أن العبد إذا اقتحم ما يعتقده حراما مما هو في علم الله حلال إنه لا عقوبة عليه كالصائم إذا قال : هذا يوم نوبي فأفطر الآن .

                                                                                                                                                                                                              أو هذا يوم حيضي فأفطر [ ص: 436 ] ففعلا ذلك .

                                                                                                                                                                                                              وكأن النوب والحيض الموجبان للفطر ; ففي مشهور المذهب فيه الكفارة ، وبه قال الشافعي .

                                                                                                                                                                                                              وقال أبو حنيفة : لا كفارة عليه ، وهي الرواية الأخرى .

                                                                                                                                                                                                              ولنا في إسقاط الكفارة عمدة ; فهو أن حرمة اليوم ساقطة عند الله ، فصادف الهتك محلا لا حرمة له في علم الله فكان بمنزلة ما لو قصد وطء امرأة قد زفت إليه ، وهو يعتقد أنها ليست بزوجه فإذا هي زوجه .

                                                                                                                                                                                                              وتعلق من أوجب الكفارة بأن طروء الإباحة لا ينتصب عذرا في عقوبة التحريم عند الهتك ، كما لو وطئ امرأة ثم نكحها ، وهذا لا يلزم ; لأن علم الله تعالى مع علمنا قد استوى في هذه المسألة بالتحريم .

                                                                                                                                                                                                              وفي المسألة التي اختلفنا فيها اختلف علمنا وعلم الله ، فكان المعول على علم الله في إسقاط العقوبة ، كما قال : { لولا كتاب من الله } .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية