الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن فيه ثلاثة تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 286 ] أحدها : أن التي هي أحسن قول لا إله إلا الله ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : الكف عنهم عند بذل الجزية منهم وقتالهم إن أبوا ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنهم إن قالوا شرا فقولوا لهم خيرا ، رواه ابن أبي نجيح .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل تأويلا رابعا : وهو أن يحتج لشريعة الإسلام ولا يذم ما تقدمها من الشرائع .

                                                                                                                                                                                                                                        إلا الذين ظلموا منهم فيه أربعة أقاويل :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أنهم أهل الحرب ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : من منع الجزية منهم ، رواه خصيف .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : ظلموا بالإقامة على كفرهم بعد قيام الحجة عليهم ، قاله ابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : ظلموا في جدالهم فأغلظوا لهم ، قاله ابن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        واختلف في نسخ ذلك على قولين :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنها منسوخة; قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنها ثابتة .

                                                                                                                                                                                                                                        وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم الآية ، فروى سلمة عن أبي هريرة قال : كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية فيفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم) وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم إلى قوله : مسلمون أي مخلصون وفيه قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنه يقوله لأهل الكتاب ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : يقوله لمن آمن ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 287 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية