الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " وإذا أذقنا الناس رحمة " سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دعا على أهل مكة بالجدب فقحطوا سبع سنين ، أتاه أبو سفيان فقال : ادع لنا بالخصب ، فإن أخصبنا صدقناك ، فدعا لهم فسقوا ، ولم يؤمنوا ، ذكره الماوردي . قال المفسرون : المراد بالناس هاهنا : الكفار . وفي المراد بالرحمة والضراء ثلاثة أقوال :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها : أن الرحمة : العافية والسرور ، والضراء : الفقر والبلاء ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 18 ] والثاني : الرحمة : الإسلام ، والضراء : الكفر ، وهذا في حق المنافقين ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث : الرحمة : الخصب ، والضراء : الجدب قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي المراد بالمكر هاهنا أربعة أقوال : أحدها أنه الاستهزاء والتكذيب ، قاله مجاهد ، ومقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : أنه الجحود والرد ، قاله أبو عبيدة .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث : أنه إضافة النعم إلى غير الله ، فيقولون : سقينا بنوء كذا ، قاله مقاتل بن حيان .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع : أن المكر: النفاق ، لأنه إظهار الإيمان وإبطان الكفر ، ذكره الماوردي .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " قل الله أسرع مكرا " أي : جزاء على المكر " إن رسلنا " يعني الحفظة " يكتبون ما تمكرون " أي : يحفظون ذلك لمجازاتكم عليه . وقرأيعقوب إلا رويسا وأبا حاتم ، وأبان عن عاصم : " يمكرون " بالياء .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية