الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في المتصدق يرث صدقته

                                                                                                          667 حدثنا علي بن حجر حدثنا علي بن مسهر عن عبد الله بن عطاء عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة فقالت يا رسول الله إني كنت تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت قال وجب أجرك وردها عليك الميراث قالت يا رسول الله إنها كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها قال صومي عنها قالت يا رسول الله إنها لم تحج قط أفأحج عنها قال نعم حجي عنها قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح لا يعرف هذا من حديث بريدة إلا من هذا الوجه وعبد الله بن عطاء ثقة عند أهل الحديث والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أن الرجل إذا تصدق بصدقة ثم ورثها حلت له وقال بعضهم إنما الصدقة شيء جعلها لله فإذا ورثها فيجب أن يصرفها في مثله وروى سفيان الثوري وزهير هذا الحديث عن عبد الله بن عطاء

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( قال : وجب أجرك ) أي بالصلة ( وردها عليك الميراث ) النسبة مجازية أي رد الله الجارية عليك بالميراث ، وصارت الجارية ملكا لك بالإرث وعادت إليك بالوجه الحلال ، والمعنى أنه ليس هذا من باب العود في الصدقة ؛ لأنه ليس أمرا اختياريا .

                                                                                                          قال ابن الملك : أكثر العلماء [ ص: 272 ] على أن الشخص إذا تصدق بصدقة على قريبه ثم ورثها حلت له ، وقيل : يجب صرفها إلى فقير لأنها صارت حقا لله تعالى ، انتهى . وهذا تعليل في معرض النص فلا يعقل . كذا في المرقاة .

                                                                                                          قوله : ( صومي عنها ) قال الطيبي : جوز أحمد أن يصوم الولي عن الميت ما كان عليه من قضاء رمضان أو نذر أو كفارة بهذا ، ولم يجوز مالك والشافعي وأبو حنيفة انتهى ، بل يطعم عنه وليه لكل يوم صاعا من شعير أو نصف صاع من بر عند أبي حنيفة ، وكذا لكل صلاة ، وقيل : لصلوات كل يوم ، كذا في المرقاة . قلت : ما قال أحمد هو ظاهر الحديث ، ويجيء تحقيق هذه المسألة في موضعها .

                                                                                                          قوله : ( قال : نعم حجي عنها ) أي سواء وجب عليها أم لا ، أوصت به أم لا ، قال ابن الملك : يجوز أن يحج أحد عن الميت بالاتفاق ( وعبد الله بن عطاء ، ثقة عند أهل الحديث ) ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال الدوري عن ابن معين : عبد الله بن عطاء صاحب ابن بريدة ، ثقة . كذا هو في تاريخ الدوري رواية أبي سعيد بن الأعرابي عنه . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه مسلم .

                                                                                                          قوله : ( وقال بعضهم : إنما الصدقة شيء جعلها لله فإذا ورثها فيجب أن يصرفها في مثله ) قول هذا البعض تعليل في معرض النص فلا يلتفت إليه ، والحق هو ما ذهب إليه أكثر أهل العلم .

                                                                                                          [ ص: 273 ]



                                                                                                          الخدمات العلمية