[ ص: 3920 ] (92)
nindex.php?page=treesubj&link=28889سُورَةُ اللَّيْلِ مَكِّيَّةٌ
وَآيَاتُهَا إِحْدَى وَعِشْرُونَ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=33062_32338_30516_30458_23468_18897_29468_30539_28904_16359_29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=1وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=2وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=3وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى (3)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=4إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=5فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=6وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=7فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=8وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=9وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=10فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=12إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=13وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى (13)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=14فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=15لا يَصْلاهَا إِلا الأَشْقَى (15)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=16الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=17وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى (17)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=18الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=19وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=20إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى (20)
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=21وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)
فِي إِطَارٍ مِنْ مَشَاهِدِ الْكَوْنِ وَطَبِيعَةِ الْإِنْسَانِ تُقَرِّرُ السُّورَةُ حَقِيقَةَ الْعَمَلِ وَالْجَزَاءِ. وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْحَقِيقَةُ مُنَوَّعَةَ الْمَظَاهِرِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=4إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى. nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=5فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=6وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=7فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=8وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=9وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=10فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى .. وَكَانَتِ الْعَاقِبَةُ كَذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ مُخْتَلِفَةً وَفْقَ الْعَمَلِ وَالْوُجْهَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=14فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى. nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=15لا يَصْلاهَا إِلا الأَشْقَى. nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=16الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى. nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=17وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى، nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=18الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى.. .
لَمَّا كَانَتْ مَظَاهِرُ هَذِهِ الْحَقِيقَةِ ذَاتَ لَوْنَيْنِ، وَذَاتَ اتِّجَاهَيْنِ.. كَذَلِكَ كَانَ الْإِطَارُ الْمُخْتَارُ لَهَا فِي مَطْلَعِ السُّورَةِ ذَا لَوْنَيْنِ فِي الْكَوْنِ وَفِي النَّفْسِ سَوَاءَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=1وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى. nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=2وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى .. nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=3وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى ..
وَهَذَا مِنْ بَدَائِعِ التَّنَاسُقِ فِي التَّعْبِيرِ الْقُرْآنِيِّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=1وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى. nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=2وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى.. nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=3وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى ...
[ ص: 3921 ] يُقْسِمُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ: اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. مَعَ صِفَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا الصِّفَةُ الْمُصَوِّرَةُ لِلْمَشْهَدِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=1وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ..
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=2وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى .. اللَّيْلُ حِينَ يَغْشَى الْبَسِيطَةَ، وَيَغْمُرُهَا وَيُخْفِيهَا. وَالنَّهَارُ حِينَ يَتَجَلَّى وَيَظْهَرُ، فَيَظْهَرُ فِي تَجَلِّيهِ كُلُّ شَيْءٍ وَيُسْفِرُ. وَهُمَا آنَانِ مُتَقَابِلَانِ فِي دَوْرَةِ الْفَلَكِ، وَمُتَقَابِلَانِ فِي الصُّورَةِ، وَمُتَقَابِلَانِ فِي الْخَصَائِصِ، وَمُتَقَابِلَانِ فِي الْآثَارِ.. كَذَلِكَ يُقْسِمُ بِخَلْقِهِ الْأَنْوَاعَ جِنْسَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=3وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى .. تَكْمِلَةً لِظَوَاهِرِ التَّقَابُلِ فِي جَوِّ السُّورَةِ وَحَقَائِقِهَا جَمِيعًا.
وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ظَاهِرَتَانِ شَامِلَتَانِ لَهُمَا دَلَالَةٌ تُوحِيَانِ بِهَا إِيحَاءً لِلْقَلْبِ الْبَشَرِيِّ; وَلَهُمَا دَلَالَةٌ كَذَلِكَ أُخْرَى عِنْدَ التَّدَبُّرِ وَالتَّفَكُّرِ فِيهِمَا وَفِيمَا وَرَاءَهُمَا. وَالنَّفْسُ تَتَأَثَّرُ تَأَثُّرًا تِلْقَائِيًّا بِتَقَلُّبِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. اللَّيْلُ إِذَا يَغْشَى وَيَعُمُّ، وَالنَّهَارُ إِذَا تَجَلَّى وَأَسْفَرَ. وَلِهَذَا التَّقَلُّبِ حَدِيثٌ وَإِيحَاءٌ. حَدِيثٌ عَنْ هَذَا الْكَوْنِ الْمَجْهُولِ الْأَسْرَارِ، وَعَنْ هَذِهِ الظَّوَاهِرِ الَّتِي لَا يَمْلِكُ الْبَشَرُ مِنْ أَمْرِهَا شَيْئًا. وَإِيحَاءٌ بِمَا وَرَاءَ هَذَا التَّقَلُّبِ مِنْ قُدْرَةٍ تُدَبِّرُ الْآوِنَةَ فِي الْكَوْنِ كَمَا تُدَارُ الْعَجَلَةُ الْيَسِيرَةُ! وَبِمَا هُنَالِكَ مِنْ تَغَيُّرٍ وَتَحَوُّلٍ لَا يَثْبُتُ أَبَدًا عَلَى حَالٍ.
وَدَلَالَتُهُمَا عِنْدَ التَّدَبُّرِ وَالتَّفَكُّرِ قَاطِعَةٌ فِي أَنَّ هُنَالِكَ يَدًا أُخْرَى تُدِيرُ هَذَا الْفَلَكَ، وَتُبَدِّلُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. بِهَذَا الِانْتِظَامِ وَهَذَا الِاطِّرَادِ وَهَذِهِ الدِّقَّةِ. وَأَنَّ الَّذِي يُدِيرُ الْفَلَكَ هَكَذَا يُدِيرُ حَيَاةَ الْبَشَرِ أَيْضًا. وَلَا يَتْرُكُهُمْ سُدًى، كَمَا أَنَّهُ لَا يَخْلُقُهُمْ عَبَثًا.
وَمَهْمَا حَاوَلَ الْمُنْكِرُونَ وَالْمُضِلُّونَ أَنْ يُلْغُوا فِي هَذِهِ الْحَقِيقَةِ، وَأَنْ يُحَوِّلُوا الْأَنْظَارَ عَنْهَا، فَإِنَّ الْقَلْبَ الْبَشَرِيَّ سَيَظَلُّ مَوْصُولًا بِهَذَا الْكَوْنِ، يَتَلَقَّى إِيقَاعَاتِهِ، وَيَنْظُرُ تَقَلُّبَاتِهِ، وَيُدْرِكُ تِلْقَائِيًّا كَمَا يُدْرِكُ بَعْدَ التَّدَبُّرِ وَالتَّفَكُّرِ، أَنَّ هُنَالِكَ مُدَبِّرًا لَا مَحِيدَ مِنَ الشُّعُورِ بِهِ، وَالِاعْتِرَافِ بِوُجُودِهِ مِنْ وَرَاءِ اللَّغْوِ وَالْهَذْرِ، وَمِنْ وَرَاءِ الْجُحُودِ وَالنُّكْرَانِ!
وَكَذَلِكَ خِلْقَةُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.. إِنَّهَا فِي الْإِنْسَانِ وَالثَّدْيِيَّاتِ الْحَيَوَانِيَّةِ نُطْفَةٌ تَسْتَقِرُّ فِي رَحِمٍ. وَخَلِيَّةٌ تَتَّحِدُ بِبُوَيْضَةٍ. فَفِيمَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي نِهَايَةِ الْمَطَافِ؟ مَا الَّذِي يَقُولُ لِهَذِهِ: كُونِي ذَكَرًا، وَيَقُولُ لِهَذِهِ: كُونِي أُنْثَى؟ .. إِنَّ كَشْفَ الْعَوَامِلِ الَّتِي تَجْعَلُ هَذِهِ النُّطْفَةُ تُصْبِحُ ذَكَرًا، وَهَذِهِ تُصْبِحُ أُنْثَى لَا يُغَيِّرُ مِنْ وَاقِعِ الْأَمْرِ شَيْئًا.. فَإِنَّهُ لِمَاذَا تَتَوَفَّرُ هَذِهِ الْعَوَامِلُ هُنَا وَهَذِهِ الْعَوَامِلُ هُنَاكَ؟ وَكَيْفَ يَتَّفِقُ أَنْ تَكُونَ صَيْرُورَةُ هَذِهِ ذَكَرًا، وَصَيْرُورَةُ هَذِهِ أُنْثَى هُوَ الْحَدَثُ الَّذِي يَتَنَاسَقُ مَعَ خَطِّ سَيْرِ الْحَيَاةِ كُلِّهَا، وَيَكْفُلُ امْتِدَادَهَا بِالتَّنَاسُلِ مَرَّةً أُخْرَى؟
مُصَادَفَةٌ؟! إِنَّ لِلْمُصَادَفَةِ كَذَلِكَ قَانُونًا يَسْتَحِيلُ مَعَهُ أَنْ تَتَوَافَرَ هَذِهِ الْمُوَافَقَاتُ كُلُّهَا مِنْ قَبِيلِ الْمُصَادَفَةِ.. فَلَا يَبْقَى إِلَّا أَنَّ هُنَالِكَ مُدَبِّرًا يَخْلُقُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى لِحِكْمَةٍ مَرْسُومَةٍ وَغَايَةٍ مَعْلُومَةٍ. فَلَا مَجَالَ لِلْمُصَادَفَةِ، وَلَا مَكَانَ لِلتِّلْقَائِيَّةِ فِي نِظَامِ هَذَا الْوُجُودِ أَصْلًا.
وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى شَامِلَانِ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْأَنْوَاعِ كُلِّهَا غَيْرِ الثَّدْيِيَّاتِ. فَهِيَ مُطَّرِدَةٌ فِي سَائِرِ الْأَحْيَاءِ وَمِنْهَا النَّبَاتُ..
قَاعِدَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْخَلْقِ لَا تَتَخَلَّفُ. لَا يَتَفَرَّدُ وَلَا يَتَوَحَّدُ إِلَّا الْخَالِقُ سُبْحَانَهُ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ..
هَذِهِ بَعْضُ إِيحَاءَاتِ تِلْكَ الْمَشَاهِدِ الْكَوْنِيَّةِ، وَهَذِهِ الْحَقِيقَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ الَّتِي يُقْسِمُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - بِهَا، لِعَظِيمِ دَلَالَتِهَا وَعَمِيقِ إِيقَاعِهَا. وَالَّتِي يَجْعَلُهَا السِّيَاقُ الْقُرْآنِيُّ إِطَارًا لِحَقِيقَةِ الْعَمَلِ وَالْجَزَاءِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْحَيَاةِ الْأُخْرَى..
يُقْسِمُ اللَّهُ بِهَذِهِ الظَّوَاهِرِ وَالْحَقَائِقِ الْمُتَقَابِلَةِ فِي الْكَوْنِ وَفِي النَّاسِ، عَلَى أَنَّ سَعْيَ النَّاسِ مُخْتَلِفٌ وَطُرُقَهُمْ مُخْتَلِفَةٌ، وَمِنْ ثَمَّ فَجَزَاؤُهُمْ مُخْتَلِفٌ كَذَلِكَ; فَلَيْسَ الْخَيْرُ كَالشَّرِّ، وَلَيْسَ الْهُدَى كَالضَّلَالِ، وَلَيْسَ الصَّلَاحُ كَالْفَسَادِ،
[ ص: 3922 ] وَلَيْسَ مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى كَمَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَلَيْسَ مَنْ صَدَّقَ وَآمَنَ كَمَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى. وَأَنَّ لِكُلٍّ طَرِيقًا، وَلِكُلٍّ مَصِيرًا، وَلِكُلٍّ جَزَاءً وِفَاقًا: