الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            11836 وعن عمرو بن شعيب قال : كنت عند سعيد بن المسيب جالسا ، فسمع رجلا يقول : قدر الله كل شيء ما خلا الأعمال ، فقال : فوالله ما رأيت سعيد بن المسيب غضب غضبا أشد منه حتى هم بالقيام ، ثم سكن ، فقال : تكلموا به ، أما والله لقد سمعت فيهم حديثا كفاهم به شرا ، ويحهم لو يعلمون ، فقلت : يرحمك الله يا أبا محمد ، ما هو ؟ قال : فنظر إلي وقد سكن بعض غضبه ، فقال : حدثني رافع بن خديج أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " يكون قوم في أمتي يكفرون بالله وبالقرآن وهم لا يشعرون كما كفرت اليهود والنصارى " ، قال : قلت : جعلت فداك يا رسول الله ، وكيف ذاك ؟ قال : " يقرون ببعض القدر ويكفرون ببعضه " ، قال : قلت : [ ثم ] ما يقولون ؟ قال : " يقولون : الخير من الله والشر من إبليس ، فيقرون على ذلك كتاب الله ويكفرون بالقرآن بعد الإيمان والمعرفة ، فما تلقى أمتي منهم من العداوة والبغضاء والجدال ، أولئك زنادقة هذه الأمة في زمانهم ، يكون ظلم السلطان فيا له من ظلم وحيف وأثرة ، ثم يبعث الله - عز وجل - عليهم طاعونا فيفني عامتهم ، ثم يكون الخسف ، فما أقل من ينجو منهم ، المؤمن يومئذ قليل فرحه شديد غمه ، ثم يكون المسخ فيمسخ الله - عز وجل - عامة أولئك قردة وخنازير ، ثم يخرج الدجال على أثر ذلك قريبا " ، ثم بكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بكينا لبكائه [ ص: 198 ] فقلنا : ما يبكيك ؟ فقال : " رحمة لهم الأشقياء لأن فيهم المتعبد ومنهم المتهجد ، ومع أنهم ليسوا بأول من سبق إلى هذا القول وضاق بحمله ذرعا ، إن عامة من هلك من بني إسرائيل بالتكذيب بالقدر " ، قلت : جعلت فداك يا رسول الله ، فقل لي كيف الإيمان بالقدر ؟ قال : " تؤمن بالله وحده ، وأنه لا يملك معه [ أحد ] ضرا ولا نفعا ، وتؤمن بالجنة والنار ، وتعلم أن الله خالقهما قبل خلق الخلق ، ثم خلق خلقه فجعل من شاء منهم إلى الجنة ومن شاء منهم للنار عدلا ذلك منه ، وكل يعمل لما فرغ له منه وهو صائر لما فرغ منه " ، فقلت : صدق الله ورسوله .

                                                                                            رواه الطبراني بأسانيد في أحسنها ابن لهيعة وهو لين الحديث .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية