الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا فيه أربعة تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : خوفا للمسافر وطمعا للمقيم ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : خوفا من الصواعق وطمعا في الغيث ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : خوفا من البرد أن يهلك الزرع وطمعا في المطر أن يحيي الزرع ، حكاه يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : خوفا أن يكون البرق برقا خلبا لا يمطر وطمعا أن يكون ممطرا ، ذكره ابن بحر ، وأنشد قول الشاعر


                                                                                                                                                                                                                                        لا يكن برقك برقا خلبا إن خير البرق ما الغيث معه



                                                                                                                                                                                                                                        والعرب يقولون : إذا توالت أربعون برقة مطرت وقد أشار المتنبي إلى ذلك بقوله :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 308 ]

                                                                                                                                                                                                                                        فقد أرد المياه بغير زاد     سوى عدي لها برق الغمام



                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أن تكون .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أن تثبت .

                                                                                                                                                                                                                                        بأمره فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : بتدبيره وحكمته .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : بإذنه لها أن تقوم بغير عمد .

                                                                                                                                                                                                                                        ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض أي وأنتم موتى في قبوركم .

                                                                                                                                                                                                                                        إذا أنتم تخرجون أي من قبوركم مبعوثين إلى القيامة . قال قتادة : دعاهم من السماء فخرجوا من الأرض . ثم فيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أنه أخرجهم بما هو بمنزلة الدعاء وبمنزلة قوله كن فيكون ، قاله ابن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنهم أخرجهم بدعاء دعاهم به ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنه أخرجهم بالنفخة الثانية وجعلها دعاء لهم . ويشبه أن يكون قول يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية