الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أبس ]

                                                          أبس : أبسه يأبسه أبسا وأبسه : صغر به وحقره ، قال العجاج :


                                                          وليث غاب لم يرم بأبس



                                                          أي بزجر وإذلال ، ويروى : ليوث هيجا . الأصمعي : أبست به تأبيسا وأبست به أبسا إذا صغرته وحقرته وذللته وكسرته ، قال عباس بن مرداس يخاطب خفاف بن ندبة :


                                                          إن تك جلمود صخر لا أؤبسه     أوقد عليه فأحميه فينصدع
                                                          السلم تأخذ منها ما رضيت به     والحرب يكفيك من أنفاسها جرع



                                                          وهذا الشعر أنشده ابن بري : إن تك جلمود بصر ، وقال : البصر حجارة بيض ، والجلمود : القطعة الغليظة منها ، يقول : أنا قادر عليك لا يمنعني منك مانع ولو كنت جلمود بصر لا تقبل التأبيس والتذليل لأوقدت عليه النار حتى ينصدع ويتفتت . والسلم : المسالمة والصلح ضد الحرب والمحاربة . يقول : إن السلم ، وإن طالت ، لا تضرك ولا يلحقك منها أذى والحرب أقل شيء منها يكفيك . ورأيت في نسخة من أمالي ابن بري بخط الشيخ رضي الدين الشاطبي رحمه الله . قال : أنشده المفجع في الترجمان :


                                                          إن تك جلمود صخد



                                                          وقال بعد إنشاده : صخد : واد ، ثم قال : جعل أوقد جواب المجازاة ، و " أحميه " عطفا عليه وجعل " أؤبسه " نعتا للجلمود وعطف عليه فينصدع . والتأبس : التغير ، ومنه قول المتلمس :


                                                          تطيف به الأيام ما يتأبس



                                                          والإبس والأبس : المكان الغليظ الخشن مثل الشأز . ومناخ أبس : غير مطمئن ، قال منظور بن مرثد الأسدي يصف نوقا قد أسقطت أولادها [ ص: 35 ] لشدة السير والإعياء :


                                                          يتركن في كل مناخ أبس     كل جنين مشعر في الغرس



                                                          ويروى : مناخ إنس ، بالنون والإضافة ، أراد مناخ ناس ؛ أي : الموضع الذي ينزله الناس أو كل منزل ينزله الإنس . والجنين المشعر : الذي قد نبت عليه الشعر . والغرس : جلدة رقيقة تخرج على رأس المولود ، والجمع أغراس . وأبسه أبسا : قهره عن ابن الأعرابي . وأبسه وأبسه : غاظه وروعه . والأبس : بكع الرجل بما يسوءه . يقال : أبسته آبسه أبسا . ويقال : أبسته تأبيسا إذا قابلته بالمكروه . وفي حديث جبير بن مطعم : جاء رجل إلى قريش من فتح خيبر فقال : إن أهل خيبر أسروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويريدون أن يرسلوا به إلى قومه ليقتلوه ، فجعل المشركون يؤبسون به العباس ؛ أي : يعيرونه ، وقيل : يخوفونه ، وقيل : يرغمونه ، وقيل : يغضبونه ويحملونه على إغلاظ القول له . ابن السكيت : امرأة أباس إذا كانت سيئة الخلق ، وأنشد :


                                                          ليست بسوداء أباس شهبره



                                                          ابن الأعرابي : الإبس الأصل السوء ، بكسر الهمزة . ابن الأعرابي : الأبس ذكر السلاحف ، قال : وهو الرق والغيلم . وإباء أبس : مخز كاسر ، عن ابن الأعرابي . وحكي عن المفضل أن السؤال الملح يكفيكه الإباء الأبس ، فكأن هذا وصف بالمصدر ، وقال ثعلب : إنما هو الإباء الأبأس ؛ أي : الأشد . قال أعرابي لرجل : إنك لترد السؤال الملحف بالإباء الأبأس .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية