أحكام سورة البقرة
قوله تعالى : الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون يتضمن الأمر بالصلاة والزكاة ؛ لأنه جعلهما من صفات المتقين ومن شرائط التقوى ؛ كما جعل الإيمان بالغيب ، وهو الإيمان بالله وبالبعث والنشور وسائر ما لزمنا اعتقاده عن طريق الاستدلال ، من شرائط التقوى فاقتضى ذلك إيجاب الصلاة والزكاة المذكورتين في الآية .
وقد قيل في إقامة الصلاة وجوه : منها إتمامها من تقويم الشيء وتحقيقه ، ومنه قوله : وأقيموا الوزن بالقسط
وقيل يؤدونها على ما فيها من قيام وغيره ، فعبر عنها بالقيام ؛ لأن القيام من فروضها ، وإن كانت تشتمل على فروض غيره ، كقوله : فاقرءوا ما تيسر من القرآن والمراد الصلاة التي فيها القراءة ، وقوله تعالى : وقرآن الفجر المراد القراءة في صلاة الفجر ، وكقوله : وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون وقوله : اركعوا واسجدوا وقوله : واركعوا مع الراكعين فذكر ركنا من أركانها الذي هو من فروضها ، ودل به على أن ذلك فرض فيها وعلى إيجاب ما هو من فروضها ، فصار قوله : يقيمون الصلاة موجبا للقيام فيها ومخبرا به عن فرض الصلاة ويحتمل ويقيمون الصلاة يديمون فروضها في أوقاتها ، كقوله تعالى : إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا أي فرضا في أوقات معلومة لها ، ونحوه قوله تعالى : قائما بالقسط يعني يقيم القسط ولا يفعل غيره والعرب تقول في الشيء الراتب الدائم : قائم ، وفي فاعله : مقيم يقال : فلان يقيم أرزاق الجند .
وقيل : هو من قول القائل : قامت السوق ، إذا حضر أهلها ؛ فيكون معناه الاشتغال بها عن غيرها ومنه : قد قامت الصلاة ، وهذه الوجوه على اختلافها تجوز أن تكون مرادة بالآية وقوله : ومما رزقناهم ينفقون في فحوى الخطاب دلالة على أن المراد المفروض من النفقة ، وهي الحقوق الواجبة لله تعالى من الزكاة وغيرها ، كقوله تعالى : وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت وقوله : وأنفقوا في سبيل الله وقوله : والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله
والذي يدل على أن المراد المفروض منها أنه قرنها [ ص: 29 ] إلى الصلاة المفروضة وإلى الإيمان بالله وكتابه ، وجعل هذا الإنفاق من شرائط التقوى ومن أوصافها .
ويدل على أن المراد المفروض من الصلاة والزكاة أن يقتضي الصلوات المعهودة المفروضة كقوله : لفظ الصلاة إذا أطلق غير مقيد بوصف أو شرط أقم الصلاة لدلوك الشمس و حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ونحو ذلك فلما أراد بإطلاق اللفظ الصلاة المفروضة كان فيه دلالة على أن المراد بالإنفاق ما فرض عليه منه ولما مدح هؤلاء بالإنفاق مما رزقهم الله دل ذلك على أن إطلاق اسم الرزق إنما يتناول المباح منه دون المحظور، وأن ما اغتصبه وظلم فيه غيره لم يجعله الله له رزقا ؛ لأنه لو كان رزقا له لجاز إنفاقه وإخراجه إلى غيره على وجه الصدقة والتقرب به إلى الله تعالى ، ولا خلاف بين المسلمين أن ، وكذلك قال النبي عليه السلام : الغاصب محظور عليه الصدقة بما اغتصبه . لا تقبل صدقة من غلول
والرزق الحظ في اللغة ، قال الله تعالى : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون أي حظكم من هذا الأمر التكذيب به ، وحظ الرجل هو نصيبه ، وما هو خالص له دون غيره ولكنه في هذا الموضع هو ما منحه الله تعالى عباده ، وهو المباح الطيب وللرزق وجه آخر ، وهو ما خلقه الله تعالى من أقوات الحيوان ؛ فجائز إضافة ذلك إليه ؛ لأنه جعله قوتا وغذاء .
أحكام سورة البقرة
- باب السجود لغير الله تعالى
- باب السحر وحكم الساحر
- باب الاختلاف في حكم الساحر
- باب في نسخ القرآن بالسنة وذكر وجوه النسخ
- باب ذكر صفة الطواف
- باب ميراث الجد
- باب القول في صحة الإجماع
- باب استقبال القبلة
- باب وجوب ذكر الله تعالى
- باب السعي بين الصفا والمروة
- باب طواف الراكب
- فصل البدء بالصفا قبل المروة
- باب في النهي عن كتمان العلم
- باب لعن الكفار
- باب إباحة ركوب البحر
- باب تحريم الميتة
- باب أكل الجراد
- باب ذكاة الجنين
- باب جلود الميتة إذا دبغت
- باب تحريم الانتفاع بدهن الميتة
- باب الفأرة تموت في السمن
- باب القدر يقع فيها الطير فيموت
- باب منفحة الميتة ولبنها
- باب شعر الميتة وصوفها والفراء وجلود السباع
- باب تحريم الدم
- باب تحريم الخنزير
- باب تحريم ما أهل به لغير الله
- باب ذكر الضرورة المبيحة لأكل الميتة
- باب المضطر إلى شرب الخمر
- باب في مقدار ما يأكل المضطر
- باب هل في المال حق واجب سوى الزكاة
- باب القصاص
- مسألة في قتل الحر بالعبد
- باب قتل المولى لعبده
- باب القصاص بين الرجال والنساء
- باب قتل المؤمن بالكافر
- باب قتل الوالد بولده
- باب الرجلين يشتركان في قتل رجل
- باب ما يجب لولي قتيل العمد
- باب العاقلة هل تعقل العمد
- باب كيفية القصاص
- باب القول في وجوب الوصية
- باب الوصية للوارث إذا أجازتها الورثة
- باب تبديل الوصية
- باب الشاهد والوصي إذا علما الجور في الوصية
- باب فرض الصيام
- الاختلاف في الشيخ الفاني الذي لا يطيق الصيام
- باب الحامل والمرضع إن لم تقدرا على الصوم
- باب الاختلاف فيمن جن رمضان كله أو بعضه
- باب الغلام يبلغ والكافر يسلم في بعض رمضان
- باب كيفية شهود الشهر
- باب قضاء رمضان
- باب في جواز تأخير قضاء رمضان
- باب الصيام في السفر
- باب من صام في السفر ثم أفطر
- باب في المسافر يصوم رمضان عن غيره
- باب في عدد قضاء رمضان
- باب الأكل والشرب والجماع ليلة الصيام
- باب لزوم صوم التطوع بالدخول فيه
- باب الاعتكاف
- باب الاعتكاف هل يجوز بغير صوم
- باب ما يجوز للمعتكف أن يفعله
- باب ما يحله حكم الحاكم وما لا يحله
- باب فرض الجهاد
- باب العمرة هل هي فرض أم تطوع
- فصل في بيان أحكام الهدي
- باب المحصر أين يذبح الهدي
- باب وقت ذبح هدي الإحصار
- باب ما يجب على المحصر بعد إحلاله من الحج بالهدي
- باب المحصر لا يجد هديا
- باب إحصار أهل مكة
- باب المحرم يصيبه أذى من رأسه أو مرض
- باب التمتع بالعمرة إلى الحج
- باب اختلاف أهل العلم في حاضري المسجد الحرام
- باب صوم التمتع
- باب المتمتع إذا لم يصم قبل يوم النحر
- الاختلاف فيمن دخل في صوم المتعة ثم وجد الهدي
- باب الإحرام بالحج قبل أشهر الحج
- باب التجارة في الحج
- باب الوقوف بعرفة
- باب الوقوف بجمع
- باب أيام منى والنفر فيها
- باب من يبدأ به في النفقة عليه
- فرض القتال
- القتال في الشهر الحرام
- باب تحريم الخمر
- باب تحريم الميسر
- باب التصرف في مال اليتيم
- باب نكاح المشركات
- باب الحيض
- باب بيان معنى الحيض ومقداره
- ذكر الاختلاف في أقل مدة الطهر
- ذكر الاختلاف في الطهر العارض في حال الحيض
- قوله تعالى ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم
- قوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم
- باب الإيلاء
- قوله تعالى وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم
- ومما تفيد هذه الآية من الأحكام
- باب الأقراء
- باب حق الزوج على المرأة وحق المرأة على الزوج
- باب عدد الطلاق
- ذكر الاختلاف في الطلاق بالرجال
- ذكر الحجاج لإيقاع الطلاق ( الثلاث ) معا
- باب الخلع
- ذكر اختلاف السلف وسائر فقهاء الأمصار فيما يحل أخذه بالخلع
- باب المضارة في الرجعة
- باب النكاح بغير ولي
- ذكر الاختلاف في ذلك
- باب الرضاع
- ذكر اختلاف الفقهاء في وقت الرضاع
- باب ذكر عدة المتوفى عنها زوجها
- ذكر الاختلاف في خروج المعتدة من بيتها
- ذكر إحداد المتوفى عنها زوجها
- باب التعريض بالخطبة في العدة
- باب متعة المطلقة
- ذكر تقدير المتعة الواجبة
- ذكر اختلاف أهل العلم في الطلاق بعد الخلوة
- باب الصلاة الوسطى وذكر الكلام في الصلاة
- باب الفرار من الطاعون
- قوله تعالى إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا
- قوله تعالى ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك
- باب الامتنان بالصدقة
- باب المكاسبة
- باب إعطاء المشرك من الصدقة
- باب الربا
- ومن أبواب الربا الشرعي السلم في الحيوان
- ومن أبواب الربا الدين بالدين
- ومن أبواب الربا الذي تضمنت الآية تحريمه
- باب البيع
- قوله تعالى وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم
- قوله تعالى وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون
- باب عقود المداينات
- باب الحجر على السفيه
- ذكر اختلاف فقهاء الأمصار في الحجر على السفيه
- باب الشهود
- شهادة الأعمى
- شهادة البدوي على القروي
- شهادة النساء مع الرجال في غير الأموال
- تعديل الشهود
- قبول الشهادة
- شهادة أحد الزوجين للآخر
- شهادة الأجير
- باب الشاهد واليمين
- قوله عز وجل ولا يضار كاتب ولا شهيد
- باب الرهن
- ذكر اختلاف الفقهاء في رهن المشاع
- باب ضمان الرهن
- ذكر اختلاف الفقهاء في الانتفاع بالرهن
- قوله تعالى ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه
- قوله تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
- قوله عز وجل ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا
- قوله تعالى لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت
- قوله عز وجل ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا
- قوله تعالى ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به