الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 316 ] قوله : فآت ذا القربى حقه فيهم وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنهم قرابة الرجل ، أن يصل رحمهم بماله ونفسه ، قاله الحسن وقتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنهم ذوو قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وهم بنو هاشم وبنو المطلب يعطون حقهم من الغنيمة والفيء ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        والمسكين هو الذي لا يجد كفايته .

                                                                                                                                                                                                                                        وابن السبيل فيه قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : المسافر ، قاله مجاهد فإن كان محتاجا فحقه في الزكاة وإن كان غير محتاج فبرا وصلة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه الضيف الذي ينزل بك ، قاله ابن عباس وابن جبير وقتادة ، فإن أطعمه كان برا وصلة ولم يجز أن يكون من الزكاة محتاجا كان أو غير محتاج . وإن دفعت إليه مالا جاز إذا كان فقيرا أن يكون من الزكاة ، ولم يجز إن كان غنيا .

                                                                                                                                                                                                                                        قوله : وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله فيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أنه الرجل يهدي هدية ليكافأ عليها أفضل منها ، قاله ابن عباس ومجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه في رجل صحبه في الطريق فخدمه فجعل له المخدوم بعض الربح من ماله جزاء لخدمته لا لوجه الله ، قاله الشعبي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنه في رجل يهب لذي قرابة له مالا ليصير به غنيا ذا مال ولا يفعله طلبا لثواب الله ، قاله إبراهيم .

                                                                                                                                                                                                                                        ومعنى قوله : فلا يربو عند الله أي فلا يكون له ثواب عند الله .

                                                                                                                                                                                                                                        قال ابن عباس : هما ربوان أحدهما حلال والآخر حرام ، فما تعاطيتم بينكم حلال ولا يصل إلى الله .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 317 ] وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله أي ثواب الله ، وفيها قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنها الزكاة المفروضة وهو الظاهر .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنها الصدقة ، قاله ابن عباس والسدي .

                                                                                                                                                                                                                                        فأولئك هم المضعفون فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : تضاعف لهم الحسنات لأن من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : تضاعف أموالهم في الدنيا بالزيادة فيها ، وقال الكلبي : لم يقل مال رجل من زكاة .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية