الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 631 ] ذكر من توفي في هذه السنة من الأعيان

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي ، عم السفاح والمنصور ، ولد سنة أربع ومائة ، وكان ضخم الخلق جدا ولم يبدل أسنانه ، وكانت أصولها صفيحة واحدة . وقد قال يوماللرشيد : يا أمير المؤمنين ، هذا مجلس اجتمع فيه عم أمير المؤمنين ، وعم عمه ، وعم عم عمه . وذلك أن سليمان بن أبي جعفر عم الرشيد ، والعباس بن محمد بن علي عم سليمان ، وعبد الصمد بن علي عم العباس ، وتلخيص ذلك أن عبد الصمد عم عم عم الرشيد ، لأنه عم جده .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      روى عبد الصمد عن أبيه ، عن جده عبد الله بن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن البر والصلة ليطيلان الأعمار ، ويعمران الديار ، ويثريان الأموال ، ولو كان القوم فجارا " . وبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن البر والصلة ليخففان سوء الحساب يوم القيامة " . ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب " [ الرعد : 21 ] . وغير ذلك من الأحاديث .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، المعروف [ ص: 632 ] بالإمام ، كان يلي إمارة الحاج وإقامة شعائر الحج في خلافة المنصور عدة سنين . توفي ببغداد فصلى عليه الأمين في شوال من هذه السنة ، ودفن بالعباسية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها توفي من مشايخ الحديث ضمام بن إسماعيل ، وعمر بن عبيد ، والمطلب بن زياد ، والمعافى بن عمران في قول ، ويوسف بن الماجشون ، وأبو إسحاق الفزاري ، إمام أهل الشام بعد الأوزاعي في المغازي والعلم والعبادة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      رابعة العدوية ، هي رابعة بنت إسماعيل العدوية مولاة آل عتيك ، البصرية العابدة المشهورة . ذكرها القشيري في " الرسالة " وأبو نعيم في " الحلية " ، [ ص: 633 ] وابن الجوزي في " صفة الصفوة " ، والشيخ شهاب الدين السهروردي في " المعارف " وأثنى عليها أكثر الناس ، وتكلم فيها أبو دواد السجستاني ، واتهمها بالزندقة ، فلعله بلغه عنها أمر . وأنشد لها السهروردي في " المعارف " :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إني جعلتك في الفؤاد محدثي وأبحت جسمي من أراد جلوسي     فالجسم منى للجليس مؤانس
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد ذكر لها أحوال وأعمال صالحة ، وقيام ليل وصيام نهار ، ورؤيت لها منامات صالحة . فالله سبحانه وتعالى أعلم . وتوفيت بالقدس الشريف ، وقبرها شرقيه بالطور .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية