الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الحكم الأول : قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة ) ، وهذا الحكم متفق عليه بين الأمة حتى عند من قال : إن الزيادة على النص نسخ ، والقرآن لا [ ص: 495 ] ينسخ بالسنة ، فإنه اضطر إلى قبول هذا الحكم وإن كان زائدا على ما في القرآن ، سواء سماه نسخا أو لم يسمه ، كما اضطر إلى تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها مع أنه زيادة على نص القرآن ، وذكرها هذا مع حديث أبي القعيس في تحريم لبن الفحل على أن المرضعة والزوج صاحب اللبن قد صارا أبوين للطفل ، وصار الطفل ولدا لهما ، فانتشرت الحرمة من هذه الجهات الثلاث ، فأولاد الطفل وإن نزلوا أولاد ولدهما ، وأولاد كل واحد من المرضعة والزوج من الآخر ومن غيره إخوته وأخواته من الجهات الثلاث ، فأولاد أحدهما من الآخر إخوته وأخواته لأبيه وأمه ، وأولاد الزوج من غيرها إخوته وأخواته من أبيه ، وأولاد المرضعة من غيره إخوته وأخواته لأمه ، وصار آباؤها أجداده وجداته ، وصار إخوة المرأة وأخواتها أخواله وخالاته ، وإخوة صاحب اللبن وأخواته أعمامه وعماته ، فحرمة الرضاع تنتشر من هذه الجهات الثلاث فقط .

ولا يتعدى التحريم إلى غير المرتضع ممن هو في درجته من إخوته وأخواته ، فيباح لأخيه نكاح من أرضعت أخاه وبناتها وأمهاتها ، ويباح لأخته نكاح صاحب اللبن وأباه وبنيه ، وكذلك لا ينتشر إلى من فوقه من آبائه وأمهاته ، ومن في درجته من أعمامه وعماته وأخواله وخالاته ، فلأبي المرتضع من النسب وأجداده أن ينكحوا أم الطفل من الرضاع وأمهاتها وأخواتها وبناتها ، وأن ينكحوا أمهات صاحب اللبن وأخواته وبناته ، إذ نظير هذا من النسب حلال ، فللأخ من الأب أن يتزوج أخت أخيه من الأم ، وللأخ من الأم أن ينكح أخت أخيه من الأب ، وكذلك ينكح الرجل أم ابنه من النسب وأختها ، وأما أمها وبنتها ، فإنما حرمتا بالمصاهرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية