[ ص: 15 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=99ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم .
هؤلاء هم المؤمنون من الأعراب وفاهم الله حقهم من الثناء عليهم ، وهم أضداد الفريقين الآخرين المذكورين في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=97الأعراب أشد كفرا ونفاقا وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=98ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما . قيل : هم
بنو مقرن من
مزينة الذين نزل فيهم قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=92ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم الآية كما تقدم . ومن هؤلاء
عبد الله ذو البجادين المزني - هو ابن مغفل - .
والإنفاق هنا هو الإنفاق هناك .
وتقدم قريبا معنى يتخذ
و ( قربات ) - بضم القاف وضم الراء - : جمع قربة بسكون الراء . وهي تطلق بمعنى المصدر ، أي القرب وهو المراد هنا ، أي يتخذون ما ينفقون تقربا عند الله . وجمع " قربات " باعتبار تعدد الإنفاق ، فكل إنفاق هو قربة عند الله لأنه يوجب زيادة القرب . قال - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=57يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب . فـ ( قربات ) هنا مجاز مستعمل في رضى الله ورفع الدرجات في الجنة ، فلذلك وصفت بـ ( عند ) الدالة على مكان الدنو . و ( عند ) مجاز في التشريف والعناية ، فإن الجنة تشبه بدار الكرامة عند الله . قال - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=54إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر
و صلوات الرسول دعواته .
nindex.php?page=treesubj&link=843وأصل الصلاة الدعاء . وجمعت هنا لأن كل إنفاق يقدمونه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - يدعو لهم بسببه دعوة ، فبتكرر الإنفاق تتكرر الصلاة . وكان النبيء - صلى الله عليه وسلم - يصلي على كل من يأتيه بصدقته وإنفاقه امتثالا لما أمره الله بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم .
[ ص: 16 ] وجاء في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=51ابن أبي أوفى أنه لما جاء بصدقته قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341919اللهم صل على آل أبي أوفى .
ويجوز عطف صلوات الرسول على اسم الجلالة معمولا لـ ( عند ) ، أي يتخذون الإنفاق قربة عند صلوات الرسول ، أي يجعلونه تقربا كائنا في مكان الدنو من صلوات الرسول تشبيها للتسبب في الشيء بالاقتراب منه ، أي يجعلون الإنفاق سببا لدعاء الرسول لهم . فظرف ( عند ) مستعمل في معنيين مجازيين . ويجوز أن يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=99وصلوات الرسول عطفا على
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=99قربات عند الله ، أي يتخذ ما ينفق دعوات الرسول . أخبر عن الإنفاق باتخاذه دعوات الرسول لأنه يتوسل بالإنفاق إلى دعوات الرسول إذ أمر بذلك في قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103وصل عليهم
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=99ألا إنها قربة لهم مستأنفة مسوقة مساق البشارة لهم بقبول ما رجوه .
وافتتحت الجملة بحرف الاستفتاح للاهتمام بها ليعيها السامع ، وبحرف التأكيد لتحقيق مضمونها ، والضمير الواقع اسم ( إن ) عائد إلى ما ينفق باعتبار النفقات . واللام للاختصاص ، أي هي قربة لهم ، أي عند الله وعند صلوات الرسول . وحذف ذلك لدلالة سابق الكلام عليه .
وتنكير ( قربة ) لعدم الداعي إلى التعريف ، ولأن التنكير قد يفيد التعظيم .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=99سيدخلهم الله في رحمته واقعة موقع البيان لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=99إنها قربة لهم ; لأن القربة عند الله هي الدرجات العلى ورضوانه ، وذلك من الرحمة . والقربة عند صلوات الرسول - صلى الله عليه وسلم - إجابة صلاته . والصلاة التي يدعو لهم طلب الرحمة ، فمآل الأمرين هو إدخال الله إياهم في رحمته .
وأوثر فعل الإدخال هنا لأنه المناسب للكون في الجنة ، إذ كثيرا ما يقال : دخل الجنة . قال - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=30وادخلي جنتي
وجملة إن الله غفور رحيم تذييل مناسب لما رجوه وما استجيب لهم . وأثبت بحرف التأكيد للاهتمام بهذا الخبر ، أي غفور لما مضى من كفرهم ، رحيم بهم يفيض النعم عليهم .
[ ص: 17 ] وقرأ الجمهور ( قربة ) بسكون الراء ، وقرأه ورش وحده بضم الراء لاتباع القاف .
[ ص: 15 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=99وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
هَؤُلَاءِ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ وَفَّاهُمُ اللَّهُ حَقَّهُمْ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ ، وَهُمْ أَضْدَادُ الْفَرِيقَيْنِ الْآخَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=97الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=98وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا . قِيلَ : هُمْ
بَنُو مُقَرِّنٍ مِنْ
مُزَيْنَةَ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمْ قَوْلُهُ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=92وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ الْآيَةَ كَمَا تَقَدَّمَ . وَمِنْ هَؤُلَاءِ
عَبْدُ اللَّهِ ذُو الْبِجَادَيْنِ الْمُزَنِيُّ - هُوَ ابْنُ مُغَفَّلٍ - .
وَالْإِنْفَاقُ هُنَا هُوَ الْإِنْفَاقُ هُنَاكَ .
وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا مَعْنَى يُتَّخَذُ
وَ ( قُرُبَاتٍ ) - بِضَمِّ الْقَافِ وَضَمِّ الرَّاءِ - : جَمْعُ قُرْبَةٍ بِسُكُونِ الرَّاءِ . وَهِيَ تُطْلَقُ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ ، أَيِ الْقُرْبِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا ، أَيْ يَتَّخِذُونَ مَا يُنْفِقُونَ تَقَرُّبًا عِنْدَ اللَّهِ . وَجَمْعُ " قُرُبَاتٍ " بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الْإِنْفَاقِ ، فَكُلُّ إِنْفَاقٍ هُوَ قُرْبَةٌ عِنْدَ اللَّهِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ زِيَادَةَ الْقُرْبِ . قَالَ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=57يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ . فَـ ( قُرُبَاتٍ ) هُنَا مَجَازٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي رِضَى اللَّهِ وَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ فِي الْجَنَّةِ ، فَلِذَلِكَ وُصِفَتْ بِـ ( عِنْدَ ) الدَّالَّةِ عَلَى مَكَانِ الدُّنُوِّ . وَ ( عِنْدَ ) مَجَازٌ فِي التَّشْرِيفِ وَالْعِنَايَةِ ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ تُشَبَّهُ بِدَارِ الْكَرَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ . قَالَ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=54إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ
وَ صَلَوَاتِ الرَّسُولِ دَعَوَاتِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=843وَأَصْلُ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ . وَجُمِعَتْ هُنَا لِأَنَّ كُلَّ إِنْفَاقٍ يُقَدِّمُونَهُ إِلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُو لَهُمْ بِسَبَبِهِ دَعْوَةً ، فَبِتَكَرُّرِ الْإِنْفَاقِ تَتَكَرَّرُ الصَّلَاةُ . وَكَانَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي عَلَى كُلِّ مَنْ يَأْتِيهِ بِصَدَقَتِهِ وَإِنْفَاقِهِ امْتِثَالًا لِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ .
[ ص: 16 ] وَجَاءَ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=51ابْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ بِصَدَقَتِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341919اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى .
وَيَجُوزُ عَطْفُ صَلَوَاتِ الرَّسُولِ عَلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ مَعْمُولًا لِـ ( عِنْدَ ) ، أَيْ يَتَّخِذُونَ الْإِنْفَاقَ قُرْبَةً عِنْدَ صَلَوَاتِ الرَّسُولِ ، أَيْ يَجْعَلُونَهُ تَقَرُّبًا كَائِنًا فِي مَكَانِ الدُّنُوِّ مِنْ صَلَوَاتِ الرَّسُولِ تَشْبِيهًا لِلتَّسَبُّبِ فِي الشَّيْءِ بِالِاقْتِرَابِ مِنْهُ ، أَيْ يَجْعَلُونَ الْإِنْفَاقَ سَبَبًا لِدُعَاءِ الرَّسُولِ لَهُمْ . فَظَرْفُ ( عِنْدَ ) مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَيَيْنِ مَجَازِيَّيْنِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=99وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ عَطْفًا عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=99قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ ، أَيْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ دَعَوَاتِ الرَّسُولِ . أَخْبَرَ عَنِ الْإِنْفَاقِ بِاتِّخَاذِهِ دَعَوَاتِ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ يَتَوَسَّلُ بِالْإِنْفَاقِ إِلَى دَعَوَاتِ الرَّسُولِ إِذْ أُمِرَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103وَصَلِّ عَلَيْهِمْ
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=99أَلَا إِنَّهَا قُرُبَةٌ لَهُمْ مُسْتَأْنَفَةٌ مَسُوقَةٌ مَسَاقَ الْبِشَارَةِ لَهُمْ بِقَبُولِ مَا رَجَوْهُ .
وَافْتُتِحَتِ الْجُمْلَةُ بِحَرْفِ الِاسْتِفْتَاحِ لِلِاهْتِمَامِ بِهَا لِيَعِيَهَا السَّامِعُ ، وَبِحَرْفِ التَّأْكِيدِ لِتَحْقِيقِ مَضْمُونِهَا ، وَالضَّمِيرُ الْوَاقِعُ اسْمَ ( إِنَّ ) عَائِدٌ إِلَى مَا يُنْفِقُ بِاعْتِبَارِ النَّفَقَاتِ . وَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ ، أَيْ هِيَ قُرْبَةٌ لَهُمْ ، أَيْ عِنْدِ اللَّهِ وَعِنْدَ صَلَوَاتِ الرَّسُولِ . وَحُذِفَ ذَلِكَ لِدَلَالَةِ سَابِقِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ .
وَتَنْكِيرُ ( قُرْبَةٌ ) لِعَدَمِ الدَّاعِي إِلَى التَّعْرِيفِ ، وَلِأَنَّ التَّنْكِيرَ قَدْ يُفِيدُ التَّعْظِيمَ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=99سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ الْبَيَانِ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=99إِنَّهَا قُرُبَةٌ لَهُمْ ; لِأَنَّ الْقُرْبَةَ عِنْدَ اللَّهِ هِيَ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى وَرِضْوَانُهُ ، وَذَلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ . وَالْقُرْبَةُ عِنْدَ صَلَوَاتِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِجَابَةُ صَلَاتِهِ . وَالصَّلَاةُ الَّتِي يَدْعُو لَهُمْ طَلَبُ الرَّحْمَةِ ، فَمَآلُ الْأَمْرَيْنِ هُوَ إِدْخَالُ اللَّهِ إِيَّاهُمْ فِي رَحْمَتِهِ .
وَأُوثِرَ فِعْلُ الْإِدْخَالِ هُنَا لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِلْكَوْنِ فِي الْجَنَّةِ ، إِذْ كَثِيرًا مَا يُقَالُ : دَخَلَ الْجَنَّةَ . قَالَ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=30وَادْخُلِي جَنَّتِي
وَجُمْلَةُ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ تَذْيِيلٌ مُنَاسِبٌ لِمَا رَجَوْهُ وَمَا اسْتُجِيبَ لَهُمْ . وَأُثْبِتَ بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ لِلِاهْتِمَامِ بِهَذَا الْخَبَرِ ، أَيْ غَفُورٌ لِمَا مَضَى مِنْ كُفْرِهِمْ ، رَحِيمٌ بِهِمْ يُفِيضُ النِّعَمَ عَلَيْهِمْ .
[ ص: 17 ] وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( قُرْبَةٌ ) بِسُكُونِ الرَّاءِ ، وَقَرَأَهُ وَرْشٌ وَحْدَهُ بِضَمِّ الرَّاءِ لِاتِّبَاعِ الْقَافِ .