الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [ 2 ] إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون .

                                                                                                                                                                                                                                      إنما المؤمنون أي : الكاملون المخلصون فيه الذين إذا ذكر الله أي : حقه أو وعيده وجلت قلوبهم أي : فزعت لذكره ، واقشعرت إشفاقا ألا تكون قامت بحقه ، وتهيبا من جلاله وعزة سلطانه ، وبطشه بالعصاة وعقابه .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الجشمي : ومتى قيل : لم جاز وصفهم هاهنا بالوجل والطمأنينة في قوله : الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر فجوابنا فيه وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                      منها : أنه تطمئن قلوبهم عند ذكر نعمه ، وتوجل لخوف عقابه بارتكاب معاصيه .

                                                                                                                                                                                                                                      ومنها : أن قلوبهم تطمئن لمعرفة توحيده ، ووعده ، ووعيده ، فعند ذلك توجل لأوامره ونواهيه ، خوف التقصير في الواجبات ، والإقدام على المعاصي ، والمستقبل يتغير حاله . انتهى .

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا تليت عليهم آياته أي : حججه وهي القرآن زادتهم إيمانا أي : يقينا وطمأنينة نفس ، إلى ما عندهم ; فإن تظاهر الأدلة أقوى للمدلول عليه ، وأثبت لقدمه .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 2950 ] وقد استدل البخاري وغيره من الأئمة بهذه الآية وأشباهها ، على زيادة الإيمان وتفاضله في القلوب ، كما هو مذهب جمهور الأمة ، بل قد حكى الإجماع عليه غير واحد ، كالشافعي وأحمد بن حنبل وأبي عبيد .

                                                                                                                                                                                                                                      وعلى ربهم يتوكلون أي : لا يرجون سواه ، ولا يخشون غيره ، ولا يفوضون أمورهم إلى غيره .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما ذكر تعالى من أعمالهم الحسنة أعمال القلوب من الخشية والإخلاص والتوكل ، أعقبه بأعمال الجوارح من الصلاة والصدقة ، بقوله سبحانه :

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية