الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 68 ] باب: القراءة في الركوع والسجود

                                التالي السابق


                                بوب البخاري على هذا، ولم يخرج فيه شيئا، وفيه أحاديث ليست على شرطه:

                                أشهرها: حديث علي ، قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قراءة القرآن في الركوع والسجود .

                                خرجه مسلم .

                                وفي بعض الروايات: الاقتصار على ذكر الركوع.

                                وكذا رواه مالك، عن نافع ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه، عن علي .

                                وقد خرجه مسلم من طريقه كذلك.

                                وفي إسناده اختلاف كثير، قد ذكر مسلم منه في " صحيحه " ستة أنواع، وذكر الدارقطني فيه أكثر من ذلك، ولم يرجح منه شيئا.

                                والظاهر: أن البخاري تركه، لأنه رأى الاختلاف مؤثرا فيه.

                                وله طرق أخرى، عن علي :

                                [ ص: 69 ] خرجه النسائي من رواية أشعث ، عن محمد بن سيرين ، عن عبيدة ، عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                وخرج مسلم - أيضا - من رواية إبراهيم بن عبد الله بن معبد، عن أبيه، عن ابن عباس ، قال: كشف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر ، فقال: " --أيها الناس--، إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة، يراها المسلم أو ترى له، ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم ".

                                وقد قال الإمام أحمد فيه: ليس إسناده بذاك.

                                وإبراهيم هذا وأبوه، لم يخرج لهما البخاري شيئا.

                                وأكثر العلماء على كراهة القراءة في الركوع والسجود ، ومنهم من حكاه إجماعا.

                                وهل الكراهة للتحريم، أو للتنزيه؟ فيه اختلاف.

                                وحكى ابن عبد البر الإجماع على أنه لا يجوز.

                                ومذهب الشافعي وأكثر أصحابنا: أنه مكروه.

                                وهل تبطل به الصلاة، أو لا؟ فيه وجهان لأصحابنا. والأكثرون على أنها لا تبطل بذلك.

                                وللشافعية وجه: إن قرأ بالفاتحة خاصة بطلت؛ لأنه نقل ركنا إلى غير موضعه.

                                [ ص: 70 ] ورخصت طائفة في القراءة في الركوع والسجود.

                                روي عن أبي الدرداء ، أنه كان يقرأ البقرة في سجوده.

                                وعن سليمان بن ربيعة ، وعبيد بن عمير ، والمغيرة .

                                وعن النخعي فيمن نسي الآية أو تركها، فذكرها وهو راكع، قال: يقرؤها وهو راكع.

                                وعن المغيرة ، قال: كانوا يفعلون ذلك.

                                وسئل عطاء ، عن القراءة في الركوع والسجود؟ فقال: رأيت عبيد بن عمير يقرأ وهو راكع في المكتوبة.

                                ورخص بعضهم في ذلك في النفل دون الفرض: روى سليمان بن موسى ، عن نافع ، عن علي ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن القراءة في الركوع والسجود في الصلاة المكتوبة، فأما الصلاة في التطوع، فلا جناح .

                                خرجه الإسماعيلي .

                                وإسناده منقطع، فإن نافعا إنما يرويه عن ابن حنين ، عن أبيه، عن علي ، كما سبق.

                                وآخر الحديث، لعله مدرج من قول بعض الرواة.

                                وسليمان بن موسى ، مختلف فيه.



                                الخدمات العلمية