الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [إلى متى تكون الحضانة؟]

                                                                                                                                                                                        اختلف عن مالك في أمر الحضانة للذكران، فقال في المدونة: الاحتلام.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن شعبان: يحتلم الغلام صحيح العقل والبدن. وقال في مختصر ابن عبد الحكم وأبي مصعب: الإثغار. وقال أبو الحسن بن القصار: قول مالك في الذكر أن الإثغار يسقط حضانة الأم، ويملك حضانة نفسه.

                                                                                                                                                                                        وهذا يشبه قول الشافعي أنه يخير بين أن يكون عند أبيه أو أمه بمنزلة لو بلغ، وليس قوله بالبين; لأن مالكا لم يقل يملك حضانة نفسه بعد الإثغار، [ ص: 2573 ] وإنما أراد أن للأب أن يأخذه حينئذ، فيصح أن يسقط حق الأم في الحضانة بالإثغار، ولا يخير الولد; لأنه لم يرشد، وللأب أو وليه أن يضمه إليه من غير خيار، غير أن التخيير في مثل ذلك أحسن; لأنا نجد الأولاد مختلفين؛ فمنهم من يركن إلى الأم، ومنهم من يركن إلى الأب، وفي منعه ممن هو متعلق النفس به مضرة عليه، وقد روى الترمذي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثا حسن السند: "أنه خير غلاما بين أبيه وأمه".

                                                                                                                                                                                        وأما الإناث فالأم أحق بحضانتهن ما لم يتزوجن، ويدخل بهن، وكذلك كل من له حق في حضانتهن من النساء.

                                                                                                                                                                                        ولا أرى أن تخير البنت في الانتقال عن الأم إلى الأب; لأنها أصون لها، وقد تخير إذا كانت عند غير الأم. وقال مالك في كتاب المدنيين في رجل أوصى بابنته إلى رجل، وللبنت عمة وجدة من قبل الأب فلم تطلبها الجدة، وكانت عند العمة فتزوجت العمة قبل بلوغ الجارية فطلبتها الجدة وأبت الجارية وأحبت أن تقر مع العمة قال: تترك عندها إذا أحبت الجارية. وهذا نحو ما ذهب إليه القاضي أبو الحسن بن القصار أن الولد يخير بين أبويه.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية